للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله ولا تُشرِكوا به شيئاً، وينهاكُمْ عن عِبَادةِ الأوثانِ، ويأمُرُكم بالصلاةِ والصِّدقِ والعَفَافِ، فإن كان ما تقول حقاً فسيملك موضع قدميَّ هاتين، وقد كنتُ أعلمُ أنه خارِجٌ ولم اكن أظنُّ أنه منكم، فلو أنِّي أعلم أنِّي أخلُصُ إليه لتجشَّمْتُ لقاءه، ولو كنتُ عنده لَغَسَلْتُ عن قدمه.

ثم دعا بكتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي بعث بِهِ مع (١) دحية إلى عظيم بُصرى فدفعَهُ إلى هِرَقْلَ عظيم الروم (٢) فقرأهُ، فإذا فيه:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ من محمَّدٍ عبد اللهِ ورسولهِ إلى هرِقْل (٣) سلامٌ على من اتَّبع الهدى، أما بعدُ فإني أدعوك بِدِعايةِ الإِسلام، أسْلِم تسلَم، يؤتك (٤) الله أجرَكَ مَرّتينِ، فإن توَلَّيتَ فإنَّ عليك إثمَ الأريسِّيين و {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}. قال أبو سفيان: فلمَّا قال ما قال، وفرغ من قراءَةِ الكِتَابِ كَثُرَ عندَهُ الصَّخَبُ وارتفعَتِ الأصواتُ، وأُخرِجْنَا، فقلتُ لأصحابي حين أخرِجنَا. لقد أمِرَ أمْرُ ابن أبي كبشَةَ إنَّه يخافه ملِكُ بني الأصفر فما زلتُ مُوقناً أنه سيظهر حتى أدخل الله عليَّ الإِسلام.

وكان ابن الناطُورِ -صاحب إيلياءَ وهرَقلَ- سُقُفاً على نصارى الشام يُحَدِّثُ أن هرقل حين قدم إيْليَاءَ أصبح يوماً خبيث النَّفْسِ، فقال له بعض بطارِقَتِه: قد استنكزنا هيئتكَ، قال ابن الناطُور: وكان هِرقْلُ حذَّاءً ينظرٌ في النُّجُومِ، فقال لهم حين سألوه: إلي رأيتُ الَّليلةَ حين نظرت في النجوم مَلِكَ الخِتَانِ قد ظهر، فمن يختتن من هذِهِ الأمَّةِ، قالوا: ليس يختتِنُ إلَّا اليهودُ؛ فلا


(١) (مع): ليست في البخاري.
(٢) (عظيم الروم): ليست في البخاري.
(٣) البخاري: (إلى هرقل عظيم الروم).
(٤) البخاري: (أسلم يؤتك)،

<<  <  ج: ص:  >  >>