للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ْحَابسُ الفيلِ (١) ثم قال: "والذي نفسي بيدهِ، لا يسألوني (٢) خُطَةً يُعَظِّمُونَ فيها حُرُماتِ الله إلا أعطيتهم إياها". ثم زَجَرَهَا فوَثبَتْ. قال: فَعَدَل عنهم حتى نزل بأقْصى الحُدَيبيَةِ على ثَمَدٍ (٣) قليل الماءِ يَتَبَرَّضُهُ النَّاسُ تَبَرضًا (٤) فلم يلبث (٥) الناس حتى نَزَحُوهُ، وشُكِيَ إلى رَسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - العَطشُ، فانتَزَعَ سهمًا من كِنانَتهِ ثم أمَرَهُم أن يجعلوهُ فيها (٦)، فواللهِ ما زالَ يَجِيشُ لهم بالرَّيِّ حتى صدروا عنه (٧) , فبينما هم كذلك، إذْ جاءهم (٨) بُدَيْلُ ابن وَرْقاءَ الخُزاعِيُّ في نفرٍ من قومِهِ من خُزاعَةَ- وكانوا عَيْبَةَ (٩) نُصْح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أهل تِهَامَةَ - فقال: إنيِّ تركتُ كعب بن لُؤَي وعامر بن لؤي نزلوا أعدادَ (١٠) ميِاهِ الحديبيةِ معهم العُوذُ المطَافِيلُ (١١) وهم مُقاتلِوكَ وصادُّوك عن البيتِ. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَا لم نجئ لِقِتال أحدٍ، ولكنَّا جِئنا مُعتمرين، وإِنَّ قريشًا قد نهِكَتْهُمُ الحربُ وأضرَّت بهم، فإن شاءُوا مادَدْتهم مُدَّةً ويُخلّوا بيني وبين الناسِ (١٢)، فإن أظهر إن شاءُوا أن يدخلوا فيما دخل فيه النَّاسُ فَعَلوا، وإلا فقد جَمُّوا (١٣). وإن هم


(١) أي حبسها الله -عَزَّ وَجَلَّ- عن دخول مكة حبس الفيل عن دخولها.
(٢) في البخاري: (لا يسألونني)، والخطة: الخصلة.
(٣) (ثمد) يعني خُفيرة فيها ماء مثمود أي قليل.
(٤) التربض: هو الأخذ قليلًا قليلًا.
(٥) في البخاري: (فلم يلبثهُ).
(٦) في البخاري: (فيه).
(٧) (صدروا عنه) أي رجعوا.
(٨) في البخاري: (جاء).
(٩) (العيبة): ما توضع فيه الثياب لحفظها، أي أنهم موضع النصح له والأمانة على سره.
(١٠) (الأعداد): جمع عدٍّ وهو الماء الذي لا انقطاع له.
(١١) (العوذ المطافيل): العوذ: جمع عائذ، وهي الناقة ذات اللبن، والمطافيل الأمهات اللاتي معها أطفالها، يريد أنهم خرجوا معهم بذوات الألبان من الإبل ليتزودوا بألبانها ولا ورجحوا حتى يمنعوه، أو كنى بذلك عن النساء معهن الأطفال، والمراد أنهم خرجوا معهم بنسائهم وأولادهم لإرادة طول المقام وليكون أدعى إلى عدم الفرار.
(١٢) د: (البيت).
(١٣) (جمُّوا): أي قووا.

<<  <  ج: ص:  >  >>