للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه وسلم - فكلما تكلم، أخذ (١) بلحيته، والمغيرة بن شعبة قائم على رأس النبي - صلى الله عليه وسلم - ومَعَهُ السَّيفُ وعليهِ المِغْفَرُ، فكُلَّما أهْوَى عُرْوةُ بِيدِهِ إِلى لِحْيَةِ النبي - صلى الله عليه وسلم -، ضَرَبَ يَدَهُ بنعْلِ السيفِ وقال (٢): أخّر يَدَكَ عن لِحْيَةِ النبي - صلى الله عليه وسلم -، فَرَفَعَ عُرْوَةُ رأسَهُ فقال: من هذا؟ قالوا: المغيرةُ بن شعبة. فقال: أيْ غُدَر، ألستُ أسعى في غَدْرَتِكَ؟ وكان المُغيرَةُ صَحِبَ قومًا في الجاهِليَّةِ فقتلهم وأخذ أموالهم ثم جاء فأسْلَمَ. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أمَّا الإِسلام فَأقبَلُ وأما المال فلسْتُ مِنهُ في شيء" (٣).

ثم إِنَّ عُروةَ جعل يَرْمُقُ أصحابَ النبي - صلى الله عليه وسلم - بعينَيْهِ. قال: فواللهِ ما تنخَّمَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - نُخامَةً إلا وَقَعَت في كفِّ رَجُل مِنهُم فدَلكَ بها وَجْهَهُ وَجِلْدهُ, وإذا أمرهم ابْتَدَرُوا أمْرَه، وإذا توضَّأ كادوا يقتتلون على وضوئِهِ، وإذا تكلم خَفَضوا أصْواتَهُما عِنْدَهُ، وما يُحدُّون النظر إليه (٤) تعظيمًا لَهُ. فرجعَ عُرْوةُ إلى أصحابِهِ فقال: أي قَوْمِ، واللهِ لقد وَفَدتُ على المُلوك، ووَفَدتُ على كسرى وقيصر (٥) والنجاشيِّ، واللهِ إِنْ رأيتُ مَليكًا قطُّ يُعَظِّمُهُ أصحابُهُ ما يعَظِّمُ أصحابُ مُحمد مُحمَّدًا، واللهِ إِنْ تنخَّمْ نخامةً إلا وَقَعَتْ في كفِّ رَجُل منهُم فَدَلَكَ بها وجههُ وجِلْدَهُ، وإذا أمَرَهم ابتَدَروا أمْرَهُ، وإذا توضَّأ كادوا يقتتلون على وضوئِهِ، وإذا تكلم خفضوا أصواتَهُمُ عِنْدَهُ، وما يُحِدُّونَ النظر إليه تعظيمًا له، وإنّهُ قد عَرَضَ عليكم خُطةَ رُشدٍ، فاقبلوها (٦) ,

فقال رجل من بني كنانَةَ: دعوتي آتيِهِ، قالوا: ائتِهِ، فلما أشْرَفَ على النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابِهِ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هذا فلانٌ،


(١) في البخاري: (فكلما تكلم كلمة أحذ).
(٢) في البخاري: (وقال له).
(٣) (د): فلست في شيء منه.
(٤) في البخاري: (إليه النظر).
(٥) في البخاري: (على قيصر وكسرى).
(٦) د: فاقبلوها منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>