للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نحو بلادهم، حتى إذا انقضى العهد غزاهم، فجاء رجلٌ على فرس أو برْذَوْنٍ (١) وهو يقول: الله أكبر، الله أكبر، وفاءٌ لا غدر، فنظروا فإذا عمرو بن عَبَسَةَ، فأرسل إليه معاوية فسأله، فقال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من كان بينَهُ وبين قومٍ عهد فلا يَشُدُّ عُقدةً ولا يحلها حتى يَنْقضِى أمدُها أو يَنْبِذَ إليهم على سَوَاء" فرجع معاوية -رحمه الله-.

وعن سفيان الثوري، عن مسروق، عن عبد الرحمن بن غُنْمٍ، قال: كتبت لعمر بن الخطاب حين صالح نصارى الشام وشرط عليهم فيه ألا يحدثوا في مدينتهم ولا حولها (٢) ديرًا ولا كنيسة ولا قلية (٣) ولا صومعة راهب ولا يجددوا ما خرب منها، ولا يمنعوا كنائسهم أن ينزلها أحد من المسلمين ثلاث ليال يطعمونهم، ولا يأووا جاسوسًا، ولا يكتموا غشًا للمسلمين، ولا يعلّموا أولادهم القرآن، ولا يظهروا شِركًا، ولا يمنعوا ذوي قرابتهم من الإِسلام إن أرادوه، وأن يوقِّروا المسلمين، وأن يقوموا لهم من مجالسهم إذا أرادوا الجلوس، ولا يتشبهوا بالمسلمين في شيءٍ من لباسهم في قلنسوة ولا عمامة ولا نعلين، ولا فرق شعر ولا يتسمّوا بأسماء المسلمين، ولا يتكنوا بكناهم، ولا يركبوا سرجًا، ولا يتقلدوا سيفًا، ولا يتخذوا شيئًا من سلاح ولا ينقشوا خواتمهم بالعربية، ولا يبيعوا الخمور، وأن يجزّوا مقادم رؤوسهم، وأن يلزموا زيّهم حيث ما كانوا وأن يشدوا الزنانير على أوساطهم، ولا يظهروا صليبًا، ولا شيئًا من كتبهم في شيء من طرق المسلمين، ولا يجاوروا المسلمين بموتاهم ولا يضربوا بالناقوس إلا ضربًا خفيفًا، ولا يرفعوا أصواتهم بالقراءة في كنائسهم في شيء من حضرة


(١) برذون: ضرب من الدواب، يخالف الخيل العراب عظيم الخلقة، غليظ الأعضاء، جمع براذين.
(٢) (د، ف) ولا ما حولها.
(٣) القَلِيَّة: كالصومعة، من بيوت عباداتهم، واسمها عندهم القلَّاية.

<<  <  ج: ص:  >  >>