للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي الصحيح: "إنَّ اللهَ تعالى وِتْر يحبُّ الوِتْرَ" (١).

وهو ﷾ رحيم يحب الرحماء، وإنما يرحم من عباده الرُّحماء، وهو سِتِّيرٌ يحب من يستر على عباده، وعفوٌّ يحب من يعفو عنهم، وغفورٌ يحب من يغفر لهم، ولطيفٌ يحب اللطيف من عباده، ويبغض الفَظَّ الغليظ القاسي الجَعْظَرِيَّ الجَوَّاظ، ورفيقٌ يحب الرفق، وحليمٌ يحب الحلم، وبَرٌّ يحب البِرّ وأهله، وعَدْلٌ يحب العدل، وقابلٌ للمعاذير يحب من يقبل معاذير عباده، ويجازي عبده بحسب هذه الصفات فيه وجودًا وعدمًا، فمن عفا عفا عنه، ومن غَفَر غَفَر له، ومن سامح سامحه، ومن حاقَقَ حاقَقَه، ومن رفق بعباده رفق به، ومن رحم خلقه رحمه، ومن أحسن إليهم أحسن إليه، ومن صفح عنهم صفح عنه، ومن جاد عليهم جاد عليه، ومن نفعهم نفعه، ومن سترهم ستره، ومن تتبع عوراتهم تتبع عورته، ومن هتكهم هتكه وفضحه، ومن منعهم خيره منعه خيره، ومن شاقَّ الله شاقَّ الله تعالى به، ومن مكر مكر به، ومن خادَع خادَعه، ومن عامل خلقه بصفةٍ عامله الله تعالى بتلك الصفة بعينها في الدنيا والآخرة؛ فالله تعالى لعبده على حسب ما يكون العبد لخلقه.

ولهذا جاء في الحديث: "منْ سَتَر مسلمًا سَتَرَه الله تعالى في الدنيا والآخرة، ومن نَفَّس عن مؤمن كُرْبةً مِنْ كُرَبِ الدُّنيا نَفَّس الله تعالى عنه كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يوم القيامة، ومَنْ يسَّر على مُعْسِرٍ يسَّر الله تعالى عليه حسابه" (٢).


(١) أخرجه البخاري (٦٤١٠)، ومسلم (٢٦٧٧) من حديث أبي هريرة ﵁.
(٢) أخرجه مسلم (٢٦٩٩) من حديث أبي هريرة ﵁.

<<  <  ج: ص:  >  >>