للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إحداهما: لا يجوز لعموم قوله: «لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب» (١).

والثانية: يجوز لقوله: «فهلا أخذوا إهابها فانتفعوا به» (٢).

فإن قيل: هذا يعم الانتفاع بعد الدبغ وقبله فلِم خص الانتفاع ببعد الدبغ؟

قيل: قد روي «فدبغوه فانتفعوا به» (٣) والمطلق يحمل على المقيد فيجب أن لا يجوز الانتفاع به قبل الدبغ لما تقدم من حديث ابن عكيم السالم عن معارضة حديث ميمونة.

فإن قيل: الاختلاف جار في كل جلد دبغ.

قيل: لا بل في كل جلد اختلف في طهارته بالدبغ فأما الجلد الذي لا يطهر بالدبغ قولاً واحدًا كجلد الكلب والحنزير فلا يجوز استعماله في اليابسات رواية واحدة.

وأما كون جلد ما كان طاهرًا في الحياة يطهر بالدباغ على روايةٍ؛ فلأن ذلك ينقسم إلى مأكولٍ كالشاة ونحوها فيجب أن يطهر بالدبغ؛ لقوله عليه السلام في حديث ميمونة: «هلا أخذوا إهابها فدبغوه فانتفعوا به» (٤).

وإلى غير مأكول كالبغل والحمار فيجب أن يطهر بالدبغ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «دباغ الأديم ذكاته» (٥). أي يطيبه من قولهم رائحة ذكية أي طيبة.

ولأنه حيوان طاهر فطهر بالدباغ قياسًا على جلد الشاة.

ولأن الحيوان كان طاهرًا في الحياة وإنما ينجس بالموت لأنه يجمع الرطوبات والعفونات. والدباغ يُذهب ذلك فيجب أن يعود إلى ما كان عليه من الطهارة.

وإنما لم يطهر إذا كان نجسًا في الحياة؛ «لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن افتراش جلود السباع» (٦).


(١) سبق تخريجه في الحديث السابق.
(٢) سيأتي تخريجه من حديث ميمونة.
(٣) سيأتي تخريجه في الحديث التالي.
(٤) أخرجه مسلم في صحيحه (٣٦٣) ١: ٢٧٧ كتاب الحيض، باب طهارة جلود الميتة بالدباغ.
(٥) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ١: ٢١ كتاب الطهارة، باب اشتراط الدباغ في طهارة جلد ما لا يؤكل لحمه وإن ذكي.
(٦) أخرجه الترمذي في جامعه (١٧٦٢٣) ٤: ٢٤١ كتاب اللباس، باب ما جاء في النهي عن جلود السباع.

<<  <  ج: ص:  >  >>