للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما كونه لا يجوز أن يبارز بغير إذنه فلأن الأمير أعرف بفرسانه وشأنِ عدوه فإذا برز بغير إذنه فربما برز إلى من لا يُطيقه فلا يؤمن ظفَر العدو به فينكسر قلوب المسلمين.

وأما كونه لا يجوز أن يخرج من العسكر بغير إذنه فلأنه ربما كان للعدو كمين فيأخذوه وينكسر قلوب المسلمين، وربما دخل الأمير وأدى خروجه إلى ضياعه.

وأما كونه لا يجوز أن يحدث حدثاً بغير إذنه فلما ذُكر قبلُ.

قال: (فإن دعا كافر إلى البراز استحب لمن يعلم من نفسه القوة والشجاعة مبارزته بإذن الأمير، فإن شرط الكافر أن لا يقاتله (١) غير الخارج إليه فله شرطه. فإن انهزم المسلم أو أُثخن بالجراح جاز الدفع عنه. وإن قتله المسلم فله سلبه).

أما كون مبارزة من يعلم من نفسه ما ذُكر يستحب بإذن الأمير فـ «لأن حمزة وعلياً وعبيدة بن الحارث بارزوا يوم بدر بإذن النبي صلى الله عليه وسلم» (٢).

و«بارز ابنُ الأكوع مرحباً يوم خيبر ثم بارزه علي» (٣).

وقيل: «بارزه محمد بن مسلمة» (٤).

ولم يزل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يبارزون في حروبهم. روي عن البراء بن مالك أنه قال: «قتلت تسعة وتسعين رئيساً من المشركين مبارزة» (٥).

وأما كون الكافر له شرطه إذا شرط أن لا يقاتله غير الخارج إليه؛ فلقوله صلى الله عليه وسلم: «المسلمون على شروطهم» (٦).

وأما كون الدفع عن المسلم يجوز إذا انهزم فلأن المسلم إذا صار إلى هذه الحالة فقد انقضى قتاله وربما أثخنه فقتله.


(١) في هـ: أن يقاتله.
(٢) أخرجه أبو داود في سننه (٢٦٦٥) ٣: ٥٢ - ٥٣ كتاب الجهاد، باب: في المبارزة.
وأخرجه أحمد في مسنده (٩٥١) ط إحياء التراث. كلاهما عن علي رضي الله عنه.
(٣) أخرجه أحمد في مسنده (٢٣٠٨١) ٥: ٣٥٨.
(٤) أخرجه أحمد في مسنده (١٥١٧٣) ٣: ٣٨٥.
(٥) أخرجه عبدالرزاق في مصنفه (٩٤٦٩) ٥: ٢٣٣ كتاب الجهاد، باب السلب والمبارزة.
(٦) سبق تخريجه ص: ٢٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>