للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالث: أنه جمع بين ما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين ما نهى عنه فـ «إنه - صلى الله عليه وسلم - أمر بالوضوء من لحم الإبل ونهى عنه من لحم الغنم» والخصم يقول يستحب فيهما.

الرابع: أن السائل سأل عن الوضوء من لحم الإبل والصلاة في مباركها، والوضوء المقترن بالصلاة لا يفهم منه غير الوضوء الشرعي.

وأما كون الشرب من لبنها ينقض على روايةٍ فلما روي عن أسيد بن حضير «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن ألبان الإبل. فقال: توضؤا من ألبانها» (١) رواه الإمام أحمد رضي الله عنه وابن ماجة.

وأما كونه لا ينقض على روايةٍ؛ فلأن الحديث الصحيح إنما ورد في اللحم فيجب الاقتصار عليه.

وأما كون الأكل من كبدها أو طحالها ينقض على وجه؛ فلأن ذلك من جملة الجزور فإطلاق لفظ اللحم تناوله بدليل أن الله تعالى لما حرم لحم الخنزير تناول ذلك جميع أجزائه.

وأما كونه لا ينقض على وجه؛ فلأنه لم يرد فيه نص ولا هو في معنى ما نص عليه فوجب بقاؤه على ما كان عليه.

فإن قيل: ما حكم دهنها وسنامها ومرقها وسائر أجزائها.

قيل: حكم كبدها لاشتراك ذلك كله فيما ذكر قبل.

قال: (الثامن: الردة عن الإسلام).

أما كون الردة وهي الإتيان بما يخرج به عن الإسلام من نطق أو اعتقاد أو شك من نواقض الوضوء فلقوله تعالى: {لئن أشركت ليحبطن عملك} [الزمر: ٦٥]. والوضوء عمل وهو باق حكمًا يبطل بجميع مبطلات الوضوء.

ولأنه عبادة فأفسدته الردة كالصلاة.


(١) أخرجه ابن ماجة في سننه (٤٩٦) ١: ١٦٦ كتاب الطهارة، باب ما جاء في الوضوء من لحوم الإبل.
وأخرجه أحمد في مسنده (١٩١٢٠) ٤: ٣٥٢.
قال البوصيري: إسناده ضعيف لضعف حجاج بن أرطأة وتدليسه. وقد خالفه غيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>