للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وروي «أن سودة استحيضت فأمرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا مضت أيامها اغتسلت وصلت» (١).

ولأن الحيض يتعلق به أحكام وأيام فجاز أن يُرجع إلى الأيام عند إعواز الدم كالعدة.

وأما كون المعتادة التي لها تمييز ترجع إلى عادتها على المذهب؛ فلأن اعتبار العادة متفق عليه والتمييز مختلف فيه.

وأما كونه يُقدم التمييز على روايةٍ - وهو اختيار الخرقي -؛ فلأنه اجتهاد، والعادة تقليد والاجتهاد مقدم على التقليد.

والأول أصح لما تقدم.

ولأن الرجوع في التمييز إلى لون الدم. ونحن نرى ألوان الدماء التي في العروق تختلف اختلافًا بيّنًا. وقد تبطل دلالة التمييز إذا نقص عن أقل الحيض أو زاد على أكثره. بخلاف العادة.

ولأن الأحاديث الدالة على العادة تقتضي العموم مميزة كانت أو غير مميزة لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يستفصل السائلة ولم يسألها عن ذلك.

فإن قيل: حديث فاطمة يدل على اعتبار التمييز من غير استفصال عن العادة ولا سؤال عنها.

قيل: حديث فاطمة قد روي من طريق متفق عليه أنه ردها إلى العادة فيتعارضان. ثم على تقدير التسليم بأنه ردها إلى التمييز تكون أخبرته أنها لا عادة لها، أو علم ذلك بقرينة. ثم يلزم من تقدير التمييز إشكال هو أنها إذا كانت عادتها خمسة من أول كل شهر ثم استحيضت فرأت عشرة أيام أسود وباقي الشهر أحمر أو أصفر فعلى تقدير التمييز تترك الصلاة عشرة أيام وفي ذلك إسقاط العبادة عنها في خمسة أيام.


(١) ذكره أبو داود تعليقاً ١: ٧٣ كتاب الطهارة، باب في المرأة تستحاض.
وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى ١: ٣٣٥ كتاب الحيض، باب المعتادة لا تميز بين الدمين.
وأخرجه الطبراني في الأوسط ٢: ل ٢٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>