للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل [الشرط الخامس]

قال المصنف رحمه الله: (الخامس: انتفاء الشبهة. فلا يُقطع بالسرقة من مال ابنه وإن سفل، ولا الولد من مال أبيه وإن علا. والأب والأم في هذا سواء، ولا العبد بالسرقة من سيده، ولا مسلم بالسرقة من بيت المال، ولا من مال له فيه شركة، أو لأحد ممن لا يقطع بالسرقة منه).

أما كون الخامس من شروط القطع انتفاء الشبهة؛ فلأن القطع حد. فيدرأ بالشبهة.

وأما كون الأب لا يقطع بالسرقة من مال ابنه وإن سفل؛ فلأن له فيه شبهة لقوله عليه السلام: «أنتَ ومالكَ لأبيك» (١).

ولأنه أخذ ما له أخذه؛ لأن في الحديث: «كلُوا من كسبِ أولادِكم» (٢).

ولأن الحد يدرأ بالشبهات، وأعظم الشبهات أخذُ ما أمر الشرع بأخذه.

وأما كون الولد لا يقطع بالسرقة من مال أبيه وإن علا؛ فلأن بينهما قرابة تمنع شهادة أحدهما للآخر (٣). فلم يقطع بالسرقة من ماله؛ كالأب.

ولأن النفقة تجب للابن في مال أبيه حفظاً له. فلا يجوز إتلافه حفظاً للمال.

وأما كون الأب والأم سواء؛ فلأنها أولى من الأب بالبر، وإذا لم تكن أولى منه في عدم القطع فلا أقل من المساواة.

وأما كون العبد لا يقطع بالسرقة من مال سيده؛ فلما روى السائب بن يزيد قال: «شهدتُ عمر بن الخطاب وقد جاءه عبدالله بن عمرو الحضرمي (٤) بغلامٍ له. فقال: إن غلامي هذا قد سرقَ فاقطع يده. فقال عمر: ما سرقَ؟ فقال: مرآة امرأتي ثمنها ستون درهماً. فقال: أرسله. لا قطعَ عليه. خادمكمْ أخذَ


(١) سبق تخريجه ص: ٢٤٦.
(٢) أخرجه أبو داود في سننه (٣٥٣٠) ٣: ٢٨٩ كتاب البيوع، باب في الرجل يأكل من مال ولده.
(٣) في أ: أحد لصاحبه.
(٤) في أ: ابن الحضرمي.

<<  <  ج: ص:  >  >>