للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (وهل تقبل توبة الزنديق، ومن تكررت ردته، أو من سبّ الله تعالى أو رسوله، والساحر؟ على روايتين:

إحداهما (١): لا تقبل توبته، ويقتل بكل حال. والأخرى: تقبل توبته كغيره).

أما كون توبة الزنديق لا تقبل على روايةٍ؛ فلأنه لا يؤمن أن يظهر التوبة ويبطن غيرها كما كان يظهر الإسلام ويبطن الكفر.

ولأن في قبول توبته خطراً؛ لأنه لا سبيل إلى الثقة بقوله.

ولأن إبقاءه يؤدي إلى تسلطه في الباطن على إفساد عقائد المسلمين، وفي ذلك ضرر عظيم.

وأما كون [توبة من] (٢) تكررت ردته لا تقبل على روايةٍ؛ فلأن الله تعالى قال: {إن الذين ءامنوا ثم كفروا ثم ءامنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفراً لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديم سبيلا} [النساء: ١٣٧].

وروى الأثرم بإسناده عن ظيبان بن عمارة «أن رجلاً من بني سعيد (٣) مرّ على مسجدٍ لبني حنيفة. فإذا هم يقرؤون برجز مسيلمة، فرجعَ إلى ابن مسعود فذكر له ذلك. فبعث إليهم فأُتي بهم فاستتابهم فتابوا فخلى سبيلهم؛ إلا رجلاً منهم يقال له: ابن النوَّاحةِ (٤) قال: قد أتيتُ بكَ مرة فزعمتَ أنك قد تبتَ وأراكَ قد عدتَ فقتلَه» (٥).

وأما كون توبة من سبّ الله أو رسوله (٦) لا تقبل على روايةٍ؛ فلأن ذنبه عظيم جداً. أشبه الزنديق.

وأما كون توبة الساحر لا تقبل؛ فلأن الصحابة رضوان الله عليهم ما نقل عن أحد منهم أنه استتاب ساحراً.


(١) في أ: أحدهما.
(٢) ساقط من أ.
(٣) في الشرح الكبير: بني سعد، ١٠: ٨٩.
(٤) في الأصول: الرجة. وما أثبتناه من السنن.
(٥) أخرجه أبو داود في سننه (٢٧٦٢) ٣: ٨٤ كتاب الجهاد، باب في الرسل.
(٦) في أ: ورسوله.

<<  <  ج: ص:  >  >>