للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا القول الذي عزاه المصنف رحمه الله إلى القاضي -وهو منصوص الإمام أحمد- ذكره في المغني وصاحب النهاية فيها.

والمساواة بين الفرض والنفل ظاهر كلام الخرقي. فله أن يقول المسامحة في النفل بترك القيام والاستقبال؛ لأن اشتراطهما يفضي إلى تقليل النافلة ضرورة أن المسافر في مظنة التعب والنصب واشتباه القبلة وليس هذا المعنى موجوداً في اشتراط ستر المنكبين؛ لأن سترهما لا يشق ولا يفضي اشتراط ذلك إلى تقليل النافلة فوجب المساواة عملاً بالعموم والأصل المقتضي للتساوي السالم كل (١) واحد منهما عن المعارض.

وللإمام أحمد أن يقول: الأصل عدم وجوب ستر المنكبين. تُرك الأصل في الفرض لأنه مراد من الحديث قطعاً. فوجب أن لا يترك في النفل لوجوه:

أحدها: أنه يلزم الترك بالأصل بالكلية.

وثانيها: أنه قد ظهر في الجملة الفرق بين الفرض والنفل فلم يلزم من الترك في الفرض الترك في النفل.

وثالثها: أن الفرض آكد فناسب انفراده بذلك.

قال: (ويستحب للمرأة أن تصلي في درع وخمار وملحفة. وإن اقتصرت على ستر عورتها: أجزأ).

أما كون المرأة يستحب لها أن تصلي فيما ذكر فلما روي عن عمر أنه قال: «تصلي المرأة في ثلاثة أثواب: درع وخمار وإزار» (٢).

فإن قيل: ما الدرع والخمار والملحفة؟

قيل: قال الإمام أحمد: الدرع هو شبه القميص لكنه سابغ يغطي قدميها.

وقيل: هو اسم لقميص المرأة السابغ.

والخمار: شيء تغطي به المرأة رأسها وشعرها وعنقها.

والملحفة: شيء يلتحف بها من فوق الدرع.

والحكمة في ذلك: المبالغة في سترها لأنها جميعها عورة إلا الوجه. وفي الكفين خلاف.


(١) في ب: لكل.
(٢) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ٢: ٢٣٤ كتاب الصلاة، باب الترغيب في أن تكف ثيابها ...

<<  <  ج: ص:  >  >>