للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (فإن عدم بكل حال صلى جالساً يومئ إيماء. فإن صلى قائماً جاز. وعنه أنه يصلي قائماً ويسجد بالأرض).

أما كون مَن عدم السترة بكل حال يصلي جالساً يومئ بالركوع والسجود؛ فلأنه يروى عن ابن عمر «أنه قال في قوم انكسرت لهم مراكبهم فخرجوا عراة: يصلون جلوساً يُومِئون إيماء برؤوسهم» (١) رواه الخلال. ولم ينقل خلافه.

وأما كونه إذا صلى قائماً يجوز فلما فيه من المحافظة على القيام.

ومفهوم كلام المصنف رحمه الله أن صلاة من ذكر جالساً يومئ إيماء أوفى من صلاته قائماً. وهو صحيح لأن جلوسه فيه ستر لعورته والجلوس قائم مقام القيام. ولو صلى قائماً لسقط الستر إلى غير بدل.

ولأن ستر العورة آكد من القيام بدليل سقوطه في النافلة.

ولأن الستر يجب في الصلاة وخارجها بخلاف القيام.

فإن قيل: الستر لا يحصل وإنما يحصل بعضه (٢) فلا يفي ذلك بترك القيام.

قيل: إذا قيل: العورة الفرجان فقد حصل الستر، وإن قيل: العورة ما بين السرة والركبة فقد حصل ستر آكدهما وجوباً وأفحشهما في النظر فكان أولى.

وأما كونه يصلي قائماً ويسجد بالأرض على روايةٍ؛ فلأن في ذلك محافظة على ثلاثة أركان وفي الصلاة جالساً محافظة على بعض شرط.

قال: (وإن وجد السترة قريبة منه في أثناء الصلاة ستر وبنى، وإن كانت بعيدة ستر وابتدأ).

أما كون من وجد السترة قريبة منه في أثناء صلاته يستتر ويبني على ما صلى؛ فلأن الستر شرط أمكنه فعله في الصلاة من غير عمل كبير فجاز له فعله. والبناء على صلاته قياساً على استدارة أهل قباء إلى القبلة.


(١) لم أقف عليه هكذا. وقد أخرج عبدالرزاق في مصنفه (٤٥٦٤) ٢: ٥٨٣ كتاب الصلاة، باب صلاة العريان. عن معمر عن قتادة: «إذا خرج ناس من البحر عراة فأمهم أحدهم صلوا قعوداً وكان إمامهم معهم في الصف ويومئون إيماء، قال معمر: وإن كان على أحدهم ثوب أمهم قائماً ويقوم في الصف، وهم خلفه قعوداً صفاً واحداً».
(٢) في ب: به.

<<  <  ج: ص:  >  >>