للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل: لأنه إذا نوى الإقامة بموضع تتعذر فيه الإقامة كالبرية ففيه وجهان:

أحدهما: يقصر لأنه لا يمكنه الوفاء بهذه النية فلغت وبقي حكم السفر الأول مستداماً.

والثاني: لا يقصر لأنه نوى الإقامة فيكون مقيماً.

وأما كون من أقام لقضاء حاجة أو حبس أو لم ينو الإقامة يقصر أبداً؛ فـ «لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقام في بعض أسفاره تسع عشرة ليلة يصلي ركعتين» (١) رواه البخاري.

و«أقام ابن عمر بأذربيجان ستة أشهر يصلي ركعتين وقد حال الثلج بينه وبين الدخول» (٢).

و«أقام أنس بالشام سنتين يقصر» (٣) رواهما الأثرم.

قال أنس: «أقام أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم برامهرمز سبعة أشهر يقصرون الصلاة» (٤).

قال: (والملاح الذي معه أهله وليس له نية الإقامة ببلد ليس له الترخص).

أما كون من ذكر ليس له الترخص؛ فلأنه ليس طاعناً عن منزله أشبه المقيم ببلد.

ولأنه لو جاز له القصر لقصر أبداً.

ولأنه صار السفر عادة له فلا يجد مشقة. والترخص إنما جاز للمشقة.

وأما ما يشترط لذلك فأمران:


(١) أخرجه البخاري في صحيحه (٤٠٤٧) ٤: ١٥٦٤ كتاب المغازي، باب مقام النبي صلى الله عليه وسلم بمكة زمن الفتح.
(٢) أخرجه أحمد في مسنده (٥٥٥٢) ٢: ٨٣ عن ثمامة بن شراحيل قال: «خرجت إلى ابن عمر فقلنا: ما صلاة المسافر؟ فقال: ركعتين ركعتين إلا صلاة المغرب ثلاثاً قلت: أرأيت إن كنا بذي المجاز قال: وما ذو المجاز؟ قلت: مكاناً نجتمع فيه ونبيع فيه ونمكث عشرين ليلة أو خمس عشرة ليلة قال: يا أيها الرجل كنت بأذربيجان لا أدري قال: أربعة أشهر أو شهرين فرأيتهم يصلونها ركعتين ركعتين ورأيت نبي الله صلى الله عليه وسلم نصب عيني يصلهما ركعتين ركعتين ثم نزع هذه الآية {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ... } حتى فرغ من الآية.
وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى ٣: ١٥٢ كتاب الصلاة، باب من قال: يقصر أبداً ما لم يجمع مكثاً.
(٣) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ٣: ١٥٢ كتاب الصلاة، باب من قال: يقصر أبداً ما لم يجمع مكثاً، ولفظه: «أن أنساً أقام بالشام مع عبدالملك بن مروان شهرين يصلي صلاة المسافر».
(٤) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ٣: ١٥٢ كتاب الصلاة، باب من قال: يقصر أبداً ما لم يجمع مكثاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>