للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَمْ يَجِبْ أَجْرُ مَا بَعْدَ الْمُدَّةِ الَّتِي لَوْ لَبِسَهُ لَتَخَرَّقَ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ.

وَتَفَرَّعَ عَلَى الثَّانِيَةِ أَنَّهَا لَوْ هَلَكَتْ فِي زَمَانِ إمْسَاكِهَا عِنْدَهُ يَضْمَنُهَا، لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَجِبْ الْأَجْرُ لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا فِي إمْسَاكِهَا، بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَأْجَرَهَا لِلرُّكُوبِ فِي الْمِصْرِ فَهَلَكَتْ بَعْدَ إمْسَاكِهَا.

ــ

[غمز عيون البصائر]

الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيُّ لَا أَجْرَ لَهُ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ ضَامِنٌ، وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ عِنْدِي عَلَيْهِ الْأَجْرُ وَلَا يَكُونُ مُخَالِفًا لِأَنَّ الْأَجْرَ مُقَابَلٌ بِاللِّبْسِ لَا بِالذَّهَابِ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ الذَّهَابَ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ لِيَكُونَ مَأْذُونًا فِي الذَّهَابِ بِهِ إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا إلَى مَوْضِعِ كَذَا فَرَكِبَهَا فِي الْمِصْرِ فِي حَوَائِجِهِ وَلَمْ يَذْهَبْ إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُخَالِفًا ضَامِنًا وَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ لِأَنَّ فِي إجَارَةِ الدَّابَّةِ بَيَانَ مَكَانِ الرُّكُوبِ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْإِجَارَةِ، لِأَنَّ الرُّكُوبَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ وَبَعْضِ الطُّرُقِ قَدْ يَكُونُ أَضَرَّ بِالدَّابَّةِ فَيَكُونُ ذِكْرُ الْمَكَانِ لِلتَّقْيِيدِ، فَأَمَّا فِي إجَارَةِ الثَّوْبِ لَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ مَكَانِ اللِّبْسِ وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ الْوَقْتِ لِأَنَّ اللِّبْسَ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ قَدْ يَكُونُ أَضَرَّ مِنْ الْبَعْضِ.

ثُمَّ قَالَ: رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا يَوْمًا إلَى اللَّيْلِ فَأَمْسَكَهَا فِي بَيْتِهِ وَلَمْ يَرْكَبْ ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ إذَا اسْتَأْجَرَهَا لِيَرْكَبَهَا خَارِجَ الْمِصْرِ إلَى مَكَان مَعْلُومٍ فَأَمْسَكَهَا فِي بَيْتِهَا لَا أَجْرَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ الْأَجْرُ بِهَذَا الْإِمْسَاكِ فَلَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا فِيهِ فَكَانَ ضَامِنًا وَإِنْ كَانَ اسْتَأْجَرَهَا لِيَرْكَبَهَا فِي الْمِصْرِ فَأَمْسَكَهَا وَلَمْ يَرْكَبْ لَا يَكُونُ ضَامِنًا لِأَنَّ الْأَجْرَ يَجِبُ بِهَذَا الْإِمْسَاكِ فَيَكُونُ مَأْذُونًا فِيهِ فَلَا يَكُونُ ضَامِنًا.

قَالُوا فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ إنَّمَا يَضْمَنُ إذَا أَمْسَكَ زَمَانًا لَا يُمْسَكُ مِثْلُهُ لِلْخُرُوجِ إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ عَادَةً فَيُرْجَعُ فِيهِ إلَى الْعَادَةِ أَنَّ مَنْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً إلَى الْخُرُوجِ إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ إنْ قَدَرَ يَمْسِكُهَا لِيَتَهَيَّأَ لَهُ الْخُرُوجُ إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ. (٩) قَوْلُهُ:

لَمْ يَجِبْ أَجْرُ مَا بَعْدَ الْمُدَّةِ إلَخْ.

فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْإِجَارَةِ: اسْتَأْجَرَ ثَوْبًا لِيَلْبَسَهُ بِدَانَقٍ كُلَّ يَوْمٍ فَوَضَعَهُ فِي مَنْزِلِهِ مُدَّةً وَلَمْ يَلْبَسْهُ يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْمُدَّةِ الَّتِي لَوْ لُبِسَ لَا يَتَخَرَّقُ فِيهَا وَلَا يَلْزَمُ لِمَا بَعْدَهَا لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَقْدِيرُ الِانْتِفَاعِ بَعْدَهَا، كَالْمَرْأَةِ أَخَذَتْ الْكِسْوَةَ وَلَمْ تَلْبَسْهَا (انْتَهَى) .

وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: عَلَيْهِ لِكُلِّ يَوْمٍ دَانَقٌ إلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>