للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِيمَا إذَا اسْتَعَارَ أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ وَزَرَعَهَا لَمْ تُؤْخَذْ مِنْهُ حَتَّى يَحْصُدَهُ وَلَوْ لَمْ يُوَقِّتْ وَتُتْرَكْ بِأَجْرِ الْمِثْلِ

٥٢ - مُؤْنَةُ رَدِّ الْعَارِيَّةِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: وَفِيمَا إذَا اسْتَعَارَ أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ إلَى قَوْلِهِ وَتُتْرَكُ الْمَسْأَلَةُ فِي الْخَانِيَّةِ وَعِبَارَتُهَا: وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَعَارَ أَرْضًا لِيَزْرَعَهَا وَقَّتَ لِذَلِكَ وَقْتًا أَوْ لَمْ يُوَقِّتْ، فَلَمَّا تَقَارَبَ الْحَصَادُ أَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ الْمُسْتَعِيرُ كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ حَتَّى يَحْصُدَ الزَّرْعَ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ لَمْ يَكُنْ مُبْطِلًا فِي الزِّرَاعَةِ فَتُتْرَكُ الْأَرْضُ فِي يَدِهِ إلَى الْحَصَادِ بِالْإِجَارَةِ وَتَصِيرُ الْإِعَارَةُ إجَارَةً (انْتَهَى) .

وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْإِيجَازِ الْبَالِغِ حَدَّ الْإِلْغَازِ

(٥٢) قَوْلُهُ: مُؤْنَةُ رَدِّ الْعَارِيَّةِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ.

لِأَنَّهُ قَبَضَهَا لِمَنْفَعَةِ نَفْسِهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهَا، وَكَذَا مُؤْنَةُ رَدِّ الْمَغْصُوبِ عَلَى الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّهُ عَامِلٌ لِنَفْسِهِ فِي الْقَبْضِ، وَمَنْفَعَةُ الرَّدِّ حَاصِلَةٌ لَهُ لِبَرَاءَتِهِ بِذَلِكَ عَنْ الضَّمَانِ، وَلَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى الْمَالِكِ فِي إيجَابِ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَكَذَا مُؤْنَةُ رَدِّ الرَّهْنِ عَلَى الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّ عَيْنَهُ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ، وَلِهَذَا كَانَ نَفَقَتُهُ وَكَفَنُهُ عَلَى الرَّاهِنِ وَالْمَضْمُونُ عَلَيْهِ إنَّمَا هِيَ الْمَالِيَّةُ وَالرَّدُّ تَصَرُّفٌ فِي الْعَيْنِ لَا فِي الْمَالِيَّةِ.

وَمَنْفَعَةُ الْقَبْضِ وَإِنْ عَادَتْ عَلَى الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ جَمِيعًا بِاعْتِبَارِ قَضَاءِ الدَّيْنِ وَحُصُولِ التَّوْثِقَةِ لَكِنْ تَرَجَّحَ جَانِبُ الرَّاهِنِ بِحُكْمِ الْمِلْكِ.

هَكَذَا ذُكِرَ فِي التَّحْرِيرِ.

وَذُكِرَ فِي الْوَجِيزِ أَنَّهُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَيُحْتَاجُ إلَى التَّوْفِيقِ بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ وَهَذَا بِخِلَافِ الْمُودَعِ وَالْمُسْتَأْجِرِ حَيْثُ تَكُونُ مُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَى الْمَالِكِ أَمَّا الْمُودَعُ فَلِأَنَّ مَنْفَعَةَ قَبْضِهِ وَهِيَ الْحِفْظُ حَاصِلَةٌ لِلْمَالِكِ وَأَمَّا الْمُسْتَأْجِرُ فَلِأَنَّ مَنْفَعَةَ قَبْضِهِ وَإِنْ كَانَتْ حَاصِلَةً لَهُ صُورَةً فَهِيَ حَاصِلَةٌ لِلْمُؤَجِّرِ مَعْنًى، حَيْثُ يَتَأَكَّدُ حَقُّهُ وَهُوَ الْأَجْرُ ذَلِكَ فَعِنْدَ التَّعَارُضِ يَتَرَجَّحُ جَانِبُ الْآخَرِ بِوَجْهَيْنِ أَنَّ حَقَّهُ فِي الْعَيْنِ وَهِيَ الْأُجْرَةُ وَحَقُّ الْمُسْتَأْجِرِ فِي الْمَنْفَعَةِ وَاعْتِبَارُ الْعَيْنِ أَوْلَى لِمَا عُرِفَ وَالثَّانِي التَّرْجِيحُ بِحُكْمِ الْمِلْكِ، كَمَا إذَا مَاتَتْ دَابَّةُ رَجُلٍ فِي دَارِ غَيْرِهِ فَإِنَّ مُؤْنَةَ إخْرَاجِهَا عَلَى الْمَالِكِ مَعَ أَنَّ الْمَنْفَعَةَ تَحْصُلُ لِصَاحِبِ الدَّارِ بِتَنْزِيهِ دَارِهِ، فَإِذَا اعْتَبَرْنَا الْمِلْكَ مَعَ عَدَمِ حُصُولِ الْمَنْفَعَةِ ثَمَّةَ فَلَأَنْ نَعْتَبِرُهُ مَعَ حُصُولِ الْمَنْفَعَةِ وَهِيَ الْأُجْرَةُ أَوْلَى وَمُؤْنَةُ رَدِّ الْعَبْدِ الْمُوصَى بِخِدْمَتِهِ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ الْخِدْمَةِ لَا رِوَايَةَ فِيهِ وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْمُوصَى لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>