الْقِسْمَةُ الْفَاسِدَةُ لَا تُفِيدُ الْمِلْكَ بِالْقَبْضِ ٤ - وَهِيَ تَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ
ــ
[غمز عيون البصائر]
وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى الْغَائِبِ الَّذِي لَهُ مَالٌ فِيهَا، وَلَمْ يَأْذَنْ بِالْإِلْقَاءِ فَلَوْ أَذِنَ بِهِ بِأَنْ قَالَ: إذَا تَحَقَّقَتْ هَذِهِ الْحَالَةُ فَأَلْقُوا اُعْتُبِرَ إذْنُهُ وَيَجِبُ أَنْ يُقَيَّدَ كَلَامُ قَارِئِ الْهِدَايَةِ بِمَا إذَا قَصَدَ حِفْظَ الْأَنْفُسِ خَاصَّةً كَمَا يُفْهَمُ مِنْ تَعْلِيلِهِ أَمَّا إذَا قَصَدَ حِفْظَ الْأَمْتِعَةِ فَقَطْ كَمَا إذَا لَمْ يَخْشَ عَلَى الْأَنْفُسِ وَخَشِيَ عَلَى الْأَمْتِعَةِ بِأَنْ كَانَ الْمَوْضِعُ لَا تَغْرَقُ فِيهِ الْأَنْفُسُ وَالْأَمْوَالُ فَأَلْقَوْا بَعْدَ الِاتِّفَاقِ لِحِفْظِهِمَا فَهِيَ عَلَى قَدْرِ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ فَمَنْ كَانَ غَائِبًا وَأَذِنَ بِالْإِلْقَاءِ إذَا وَقَعَ ذَلِكَ اُعْتُبِرَ مَالُهُ لَا نَفْسُهُ، وَمَنْ كَانَ حَاضِرًا بِمَالِهِ اُعْتُبِرَ مَالُهُ وَنَفْسُهُ، وَمَنْ كَانَ بِنَفْسِهِ فَقَطْ اُعْتُبِرَ نَفْسُهُ فَقَطْ.
وَلَمْ أَرَ هَذَا التَّحْرِيرَ لِغَيْرِي، وَلَكِنْ أَخَذْتُهُ مِنْ التَّعْلِيلِ فَتَأَمَّلْ.
وَفِي كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ: يَجُوزُ عِنْدَ هَيَجَانِ الْبَحْرِ وَخَوْفِ الْغَرَقِ إلْقَاءُ بَعْضِ مَتَاعِ السَّفِينَةِ فِي الْبَحْرِ لِسَلَامَةِ الْآدَمِيِّ الْمُحْتَرَمِ إنْ تَعَيَّنَ لِدَفْعِ الْغَرَقِ وَيَحْرُمُ إلْقَاءُ الْعَبِيدِ لِلْأَحْرَارِ وَالدَّوَابِّ لِمَا لَا رَوْحَ لَهُ، وَإِذَا قَصَّرَ مَنْ لَهُ الْإِلْقَاءُ حَتَّى حَصَلَ الْغَرَقُ عَصَى، وَلَمْ يَضْمَنْ وَيَحْرُمُ إلْقَاءُ الْمَالِ بِلَا خَوْفٍ فَإِنْ أَلْقَى مَالَهُ أَوْ مَالَ غَيْرِهِ لَمْ يَضْمَنْ، وَبِلَا إذْنِهِ يَضْمَنُ (انْتَهَى) .
قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَقَوَاعِدُنَا لَا تَأْبَاهُ
(٣) قَوْلُهُ: الْقِسْمَةُ الْفَاسِدَةُ لَا تُفِيدُ الْمِلْكَ بِالْقَبْضِ.
أَقُولُ: الَّذِي فِي الْقُنْيَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ أَنَّهَا تُفِيدُ الْمِلْكَ بِالْقَبْضِ؛ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فَيُحْمَلُ أَنَّهُ ظَفِرَ بِذَلِكَ وَهُوَ ثِقَةٌ فِي النَّقْلِ، وَيُحْمَلُ عَلَى اخْتِلَافِ الرِّوَايَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ لَكِنْ ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْغَزِّيِّ صَاحِبُ كِتَابِ تَنْوِيرِ الْأَبْصَارِ أَنَّهُ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهَا، فَيُحْتَمَلُ أَنْ (لَا) وَقَعَتْ زَائِدَةً سَهْوًا مِنْ قَلَمِ النَّاسِخِ الْأَوَّلِ وَلِلَّهِ دَرُّ الْقَائِلِ حَيْثُ قَالَ:
لَكِنْ نَجَاشِيُّ الْيَرَاعِ سَرَى سَرَى ... سَهْوًا فَظَنَّ السَّهْوَ سَهْوَ الْقَيْصَرَى
هَذَا، وَقَدْ ذُكِرَ فِي الذَّخِيرَةِ أَنَّ الْقِسْمَةَ تُفِيدُ الْمِلْكَ بِأَحَدِ أَشْيَاءِ أَرْبَعَةٍ: الْقَبْضِ وَقَضَاءِ الْقَاضِي وَالْقُرْعَةِ وَتَوْكِيلِ رَجُلٍ يَلْزَمُ كُلٌّ مِنْ الْمُقْتَسِمَيْنِ بَيْنَهُمَا.
(٤) قَوْلُهُ: وَهِيَ تَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ.
أَقُولُ فِي الْقُنْيَةِ فِي بَابِ مَا يَجُوزُ مِنْ الْقِسْمَةِ: اقْتَسَمَا دَارًا عَلَى أَنْ يَكُونَ لِأَحَدِهِمَا حَقُّ وَضْعِ الْجُذُوعِ عَلَى حَائِطٍ وَقَعَ فِي نَصِيبِ صَاحِبِهِ جَازَ لِلتَّعَامُلِ، وَفِي الْكَرْمِ عَلَى أَنْ يَكُونَ لِأَحَدِهِمَا قَرَارُ أَغْصَانِ الشَّجَرِ عَلَى نَصِيبِ صَاحِبِهِ لَا يَجُوزُ يَعْنِي لِعَدَمِ التَّعَامُلِ.
ثُمَّ قَالَ: كُلُّ قِسْمَةٍ عَلَى شَرْطِ هِبَةٍ أَوْ