للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِجَازَةُ لَا تَلْحَقُ الْإِتْلَافَ، فَلَوْ أَتْلَفَ مَالَ غَيْرِهِ تَعَدِّيًا فَقَالَ الْمَالِكُ: أَجَزْتُ أَوْ رَضِيتُ أَوْ أَمْضَيْتُ لَمْ يَبْرَأْ مِنْ الضَّمَانِ كَذَا فِي دَعْوَى الْبَزَّازِيَّةِ

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: الْإِجَازَةُ لَا تَلْحَقُ الْإِتْلَافَ إلَخْ.

أَقُولُ بِهِ جَزَمَ فِي مَتْنِ تَنْوِيرِ الْأَبْصَارِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ لَوْ تَصَدَّقَ الْمُلْتَقِطُ بِاللُّقَطَةِ بَعْدَ تَعْرِيفِهَا وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ صَاحِبَهَا لَا يَطْلُبُهَا، بَعْدَ ذَلِكَ فَجَاءَ الْمَالِكُ بَعْدَ التَّصَدُّقِ بِهَا فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ نَفَّذَ الصَّدَقَةَ فَيَكُونُ لَهُ ثَوَابُهَا وَإِجَازَتُهَا فِي الِانْتِهَاءِ كَإِذْنِهِ فِي الِابْتِدَاءِ وَالْإِذْنُ حَصَلَ مِنْ الشَّارِعِ لَا مِنْ الْمَالِكِ؛ فَلِهَذَا الْمِلْكُ لَا يَثْبُتُ لِلْفَقِيرِ قَبْلَ الْإِجَازَةِ فَلَا يَتَوَقَّفُ إجَازَةُ الْمَالِكِ عَلَى قِيَامِ الْمَالِ فِي يَدِ الْفَقِيرِ حَتَّى لَوْ أَجَازَهُ بَعْدَ مَا تَلِفَ الْمَالُ فِي يَدِهِ لِثُبُوتِ الْمِلْكِ فِيهِ بَعْدَ الْإِجَازَةِ.

كَذَا فِي الْمَنِيعِ.

وَهَلْ تَلْحَقُ الْإِجَازَةُ فِي الْأَفْعَالِ؟ ذَكَرَ فِي الْمُحِيطِ فِي غَصْبِ فَتَاوَاهُ: غَصَبَ شَيْئًا وَقَبَضَهُ فَأَجَازَ الْمَالِكُ قَبْضَهُ بَرِئَ عَنْ الضَّمَانِ وَلَوْ انْتَفَعَ بِهِ فَأَمَرَهُ لَا يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ مَا لَمْ يَحْفَظْ.

وَفِي مُفْتَرَقَاتِ بُيُوعِ الذَّخِيرَةِ: وَلَوْ أَوْدَعَ مَالَ الْغَيْرِ فَأَجَازَ الْمَالِكُ بَرِئَ عَنْ الضَّمَانِ، وَفِيهَا أَيْضًا الْإِجَازَةُ تَلْحَقُ الْمَوْقُوفَ دُونَ الْمَنْسُوخِ، وَذَكَرَ فِيهَا أَيْضًا الْإِجَازَةَ لَا تَلْحَقُ الْأَفْعَالَ عِنْدَ الْإِمَامِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ تَلْحَقُهَا كَالْعُقُودِ الْمَوْقُوفَةِ حَتَّى إنَّ الْغَاصِبَ إذَا رَدَّ الْمَغْصُوبَ عَلَى أَجْنَبِيٍّ فَأَجَازَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ قَبْضَ ذَلِكَ الْأَجْنَبِيِّ؛ عِنْدَ مُحَمَّدٍ خَرَجَ الْغَاصِبُ مِنْ الضَّمَانِ، وَعَنْ الْإِمَامِ لَا يَخْرُجُ، وَذَكَرَ فِي الْفَصْلِ الثَّامِنِ مِنْ الذَّخِيرَةِ: الْمَدْيُونُ إذَا بَعَثَ بِالدَّيْنِ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ إلَى الطَّالِبِ فَجَاءَ إلَى الطَّالِبِ وَأَخْبَرَهُ وَرَضِيَ بِهِ وَقَالَ لِلَّذِي جَاءَ بِهِ اشْتَرِ بِهَا شَيْئًا، فَذَهَبَ وَاشْتَرَى بِبَعْضِهَا شَيْئًا، وَهَلَكَ الْبَاقِي؛ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ: قَدْ قِيلَ: إنَّهُ يَهْلِكُ مِنْ مَالِ الْمَطْلُوبِ، وَقِيلَ: يَهْلِكُ مِنْ مَالِ الطَّالِبِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ الرِّضَا بِبَعْثِهِ فِي الِانْتِهَاءِ بِمَنْزِلَةِ الْإِذْنِ بِالْقَبْضِ فِي الِابْتِدَاءِ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَهَذِهِ الْعِلَّةُ تُشِيرُ إلَى أَنَّ الْإِجَازَةَ تَلْحَقُ الْأَفْعَالَ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَقَالَ فِي الْعِمَادِيَّةِ: وَقَدْ مَرَّ فِي آخِرِ تَصَرُّفَاتِ الْفُضُولِيِّ فِي مَجْمُوعِنَا هَذَا أَنَّ الْإِجَازَةَ تَلْحَقُ الْأَفْعَالَ وَهُوَ الْأَصَحُّ (انْتَهَى) .

قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: فَعَلَى هَذَا تَكُونُ الصَّحِيحُ أَنَّهَا تَلْحَقُ الْإِتْلَافَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْأَفْعَالِ فَيَدْخُلُ تَحْتَ قَوْلِهِمْ الْإِجَازَةُ تَلْحَقُ الْأَفْعَالَ فِي الصَّحِيحِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ بِالْأَفْعَالِ غَيْرُ الْإِتْلَافِ عَمَلًا بِنُقُولِ الْمَشَايِخِ كُلِّهِمْ مَعَ إمْكَانِ الْحَمْلِ (انْتَهَى) .

يَعْنِي؛ لِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>