اسْتِمَاعُ الْقُرْآنِ أَثَوْبُ مِنْ قِرَاءَتِهِ، كَذَا فِي مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ.
ــ
[غمز عيون البصائر]
عَنْ رَجُلٍ قَالَ: إنَّ أَبَا النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي النَّارِ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ مَلْعُونٌ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ} [الأحزاب: ٥٧] قَالَ: وَلَا أَذَى أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يُقَالَ عَنْ أَبِيهِ: إنَّهُ فِي النَّارِ.
وَقَالَ الْإِمَامُ السُّهَيْلِيُّ فِي الرَّوْضِ الْأُنُفِ: وَلَيْسَ لَنَا نَحْنُ أَنْ نَقُولَ ذَلِكَ فِي أَبَوَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تُؤْذُوا الْأَحْيَاءَ بِسَبِّ الْأَمْوَاتِ» .
وَاَللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [الأحزاب: ٥٧] الْآيَةَ وَقَدْ أُمِرْنَا أَنْ نُمْسِكَ اللِّسَانَ إذَا ذَكَرَ أَصْحَابَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - بِشَيْءٍ يَرْجِعُ ذَلِكَ إلَى الْعَيْبِ وَالنَّقْصِ فِيهِمْ فَلَأَنْ نُمْسِكَ وَنَكُفَّ عَنْ أَبَوَيْهِ أَحَقُّ وَأَحْرَى إذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَحَقُّ الْمُسْلِمِ أَنْ يُمْسِكَ لِسَانَهُ عَمَّا يُخِلُّ بِشَرَفِ نَبِيِّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ وَلَا خَفَاءَ فِي أَنَّ إثْبَاتَ الشِّرْكِ فِي أَبَوَيْهِ إخْلَالٌ ظَاهِرٌ بِشَرَفِ نَسَبِ نَبِيِّهِ الطَّاهِرِ فَجُمْلَةُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَيْسَتْ مِنْ الِاعْتِقَادَاتِ فَلَا حَظَّ لِلْقَلْبِ مِنْهَا، وَأَمَّا لِلِّسَانِ فَحَقُّهُ الْإِمْسَاكُ عَمَّا يَتَبَادَرُ مِنْهُ النُّقْصَانُ خُصُوصًا إلَى وَهْمِ الْعَامَّةِ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى دَفْعِهِ وَتَدَارُكِهِ هَذَا خُلَاصَةُ مَا فِي هَذَا الْمَقَامِ مِنْ الْكَلَامِ، وَاَللَّهُ وَلِيُّ الْفَضْلِ وَالْإِنْعَامِ
(٢٥) قَوْلُهُ: اسْتِمَاعُ الْقُرْآنِ أَثَوْبُ مِنْ قِرَاءَتِهِ.
وَقَدْ ذَمَّ اللَّهُ - تَعَالَى - قَوْمًا عَلَى عَدَمِ التَّدَبُّرِ فَقَالَ {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد: ٢٤] فَتَدَبَّرْ ثُمَّ إنَّ الْمَسْأَلَةَ يَجِبُ تَقْيِيدُهَا بِمَا إذَا كَانَتْ الْقِرَاءَةُ بِغَيْرِ إلْحَانٍ وَإِلَّا فَسَمَاعُ الْقُرْآنِ بِالْإِلْحَانِ مَعْصِيَةٌ، وَالتَّالِي وَالسَّامِعُ آثِمَانِ كَمَا فِي شَرْحِ الْعَلَّامَة مُحَمَّدِ مِسْكِينٍ عَلَى الْكَنْزِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute