بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ: جَرَحَنِي فُلَانٌ ثُمَّ مَاتَ، ٣٠ - فَبَرْهَنَ ابْنُهُ أَنَّ فُلَانًا آخَرَ جَرَحَهُ تُقْبَلُ ٣١ - كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ.
يَصِحُّ عَفْوُ الْمَجْرُوحِ وَالْوَارِثِ قَبْلَ مَوْتِهِ لِانْعِقَادِ السَّبَبِ لَهُمَا كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ.
الْحُدُودُ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ، وَلَا تَثْبُتُ مَعَهَا
ــ
[غمز عيون البصائر]
الْقِصَاصِ.
السَّابِعَةُ: الْحُدُودُ سِوَى حَدِّ الْقَذْفِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الدَّعْوَى بِخِلَافِ الْقِصَاصِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الدَّعْوَى (انْتَهَى) .
أَقُولُ: يُزَادُ ثَامِنٌ وَهُوَ اشْتِرَاطُ الْإِمَامِ اسْتِيفَاءَ الْحُدُودِ دُونَ الْقِصَاصِ.
(٢٩) قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ: جَرَحَنِي فُلَانٌ ثُمَّ مَاتَ إلَخْ.
قِيلَ: الْفَرْقُ تَعَدُّدُ الْجُرْحِ بِخِلَافِ الْقَتْلِ (انْتَهَى) .
قِيلَ عَلَيْهِ قَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ عَكْسَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ وَنَصُّهُ نَقْلًا عَنْ جِنَايَاتِ الْبَزَّازِيَّةِ: شَهِدَ الْمَجْرُوحُ أَنَّ فُلَانًا لَمْ يَجْرَحْهُ، وَمَاتَ الْمَجْرُوحُ مِنْهُ إنْ كَانَ جُرْحُهُ مَعْرُوفًا عِنْدَ الْحَاكِمِ وَالنَّاسِ لَا يَصِحُّ إشْهَادُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا صَحَّ لِاحْتِمَالِ الصِّدْقِ فَإِنْ بَرْهَنَ الْوَارِثُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَنَّ فُلَانًا كَانَ جَرَحَهُ، وَمَاتَ مِنْهُ لَا يُقْبَلُ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ حَقُّ الْمُوَرِّثِ.
(٣٠) قَوْلُهُ: فَبَرْهَنَ ابْنُهُ أَنَّ فُلَانًا آخَرَ جَرَحَهُ إلَخْ.
هَذَا إذَا قَالَ الْمَجْرُوحُ ذَلِكَ فَلَوْ لَمْ يَقُلْ فَادَّعَى الِابْنَيْنِ عَلَى أَخِيهِ أَنَّهُ قَتَلَهُ وَأَقَامَ بَيِّنَةً وَأَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةً عَلَى قَتْلِ أَجْنَبِيٍّ إيَّاهُ، وَقَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُمَا قَالَ الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لِلْأَخِ نِصْفُ الدِّيَةِ عَلَى أَخِيهِ وَلِلْآخَرِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: أَحْسَنُ مِنْهُ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ عَلَى الْأَخِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِأَخِيهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ، وَلَا يَكُونُ لَهُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ شَيْءٌ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَبِهِ أَخَذَ أَبُو اللَّيْثِ كَذَا فِي مُوجِبَاتِ الْأَحْكَامِ لِلْعَلَّامَةِ قَاسِمٍ (٣١) قَوْلُهُ: كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ.
أَيْ مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ.
قِيلَ عَلَيْهِ: لَيْسَ هَكَذَا فِي شَرْحِ مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ بَلْ الَّذِي فِي شَرْحِهَا لِابْنِ الشِّحْنَةِ نَقْلًا عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ: وَلَوْ قَالَ: جَرَحَنِي فُلَانٌ ثُمَّ مَاتَ فَأَقَامَ ابْنُهُ الْبَيِّنَةَ عَلَى ابْنٍ آخَرَ أَنَّهُ جَرَحَهُ خَطَأً تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَوَجْهُهُ أَنَّ الْبَيِّنَةَ قَامَتْ عَلَى حِرْمَانِ الْوَلَدِ الْإِرْثَ فَقُبِلَتْ فَلَمَّا أَجَزْنَا ذَلِكَ فِي الْمِيرَاثِ