للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَلِأَنَّ الْمَجَازَ لَا عُمُومَ لَهُ، ١٧ - فَإِذَا ثَبَتَ الْأُخْرَوِيُّ إجْمَاعًا لَمْ يَثْبُتْ الْآخَرُ كَذَا فِي التَّنْقِيحِ، وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِنَا عَلَى الْمَنَارِ.

وَأَمَّا الْحُكْمُ الدُّنْيَوِيُّ

ــ

[غمز عيون البصائر]

الْأَحْكَامَ قَالَ عُلَمَاؤُنَا: إنَّمَا يَصِحُّ بِنَاءُ مَا ذَكَرْت مِنْ الْحُكْمِ عَلَيْهِ إنْ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَفْظُ الْحُكْمِ مُشْتَرَكًا لَفْظِيًّا، وَهُوَ مَمْنُوعٌ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ قَوْلُ الْمُعَلِّلِ لِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُشْتَرَكًا مَعْنَوِيًّا خَارِجًا عَنْ التَّوْجِيهِ عَلَى مَا لَا يَخْفَى.

عَلَى أَنَّ الْإِضَافَةَ فِي قَوْلِهِمْ: حُكْمُ الدُّنْيَا وَحُكْمُ الْعُقْبَى مَبْنِيَّةٌ لِأَحَدِ مَعْنَيَيْهِ إمَارَةُ الِاشْتِرَاكِ اللَّفْظِيِّ يُقَالُ: عَيْنُ الذَّهَبِ وَعَيْنُ الْإِنْسَانِ وَالْمُتَوَاطِئِ بِمَعْزِلٍ عَنْ ذَلِكَ سَلَّمْنَا أَنَّهُ مُشْتَرَكٌ مَعْنَوِيٌّ لَكِنْ لَا يَضُرُّنَا هَذَا الْمَنْعُ؛ إذْ الْمُدَّعَى لَيْسَ إلَّا الْإِجْمَالُ، وَالتَّوَاطُؤُ لَا يَمْنَعُ ذَلِكَ إذْ الْمُجْمَلُ مَا لَا يُفْهَمُ مِنْهُ الْمُرَادُ إلَّا بِالِاسْتِفْسَارِ، وَقَدْ يَحْسُنُ الِاسْتِفْسَارُ عَنْ أَفْرَادِ الْمُتَوَاطِئِ قَالَ الْإِمَامُ فِي الْمَحْصُولِ: اللَّفْظُ إذَا كَانَ مُحْتَمِلًا لِمَعَانٍ كَثِيرَةٍ، وَلَمْ يَكُنْ حَمْلُهُ عَلَى بَعْضِهَا أَوْلَى مِنْ الْبَاقِيَةِ كَانَ مُجْمَلًا ثُمَّ تَنَاوُلُ اللَّفْظُ لِتِلْكَ الْمَعَانِي إمَّا بِحَسْبِ مَعْنَى وَاحِدٍ وَهُوَ الْمُشْتَرَكُ إلَى هُنَا كَلَامُهُ قَالَ الْفَاضِلُ شَرَفُ بْنُ كَمَالٍ مَا ذَكَرَهُ الْعَلَّامَةُ فِي الْوَاقِعِ جَوَابٌ عَنْ الْمَنْعِ لَا مَنْعُ السَّنَدِ كَمَا زَعَمَ، بَيَانُهُ أَنَّهُ لَمَّا أَثْبَتَ كَوْنَهُ مُشْتَرَكًا مَعْنَوِيًّا، وَهُوَ عَامٌّ حَقِيقَةً انْتَفَى الْإِجْمَالُ، وَهُوَ الْمُدَّعَى إذْ الْمُجْمَلُ مَا لَا يُمْكِنُ الْعَمَلُ بِهِ قَبْلَ الْبَيَانِ أَوْ لَا يُفْهَمُ الْمُرَادُ مِنْهُ إلَّا بِالِاسْتِفْسَارِ كَمَا ذُكِرَ وَالْعَامُّ يُمْكِنُ الْعَمَلُ بِهِ قَبْلَ الْبَيَانِ، وَيُفْهَمُ الْمُرَادُ مِنْهُ قَبْلَ الِاسْتِفْسَارِ بِحَمْلِهِ عَلَى جَمِيعِ أَفْرَادِهِ وَإِذَا أَمْكَنَ فَلَا حُسْنَ لِقَوْلِهِ، وَقَدْ يَحْسُنُ الِاسْتِفْسَارُ عَنْ أَفْرَادِ الْمُتَوَاطِئِ عَلَى مَا لَا يَخْفَى وَيُحْمَلُ كَلَامُ الْمَحْصُولِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ الْحَمْلُ عَلَى جَمِيعِ الْمَعَانِي أَوْ عَلَى الْبَعْضِ الْمُعَيَّنِ.

(١٦) قَوْلُهُ: وَأَمَّا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَلِأَنَّ الْمَجَازَ لَا عُمُومَ لَهُ.

أَقُولُ فِي شَرْحِ الْمَنَارِ لِلشَّرِيفِ بْنِ كَمَالٍ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ مِمَّا لَا يَثْبُتُ عَنْ الشَّافِعِيِّ.

(١٧) قَوْلُهُ: فَإِذَا ثَبَتَ الْأُخْرَوِيُّ إجْمَاعًا لَمْ يَثْبُتْ الْآخَرُ.

يَعْنِي لَمَّا اخْتَلَفَ النَّوْعَانِ وَصَارَ لَفْظُ الْحُكْمِ مُشْتَرَكًا فَلَا يَصِحُّ الِاحْتِجَاجُ بِهِ عَلَى فَسَادِ الصَّلَاةِ بِالْأَكْلِ نَاسِيًا كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الشَّافِعِيُّ إلَّا بِدَلِيلٍ يَقْتَرِنُ بِهِ يُرَجِّحُ أَحَدَ مُحْتَمَلَيْهِ، وَهُوَ الدُّنْيَوِيُّ إذْ الْأُخْرَوِيُّ مُرَادٌ بِالْإِجْمَاعِ فَانْتَفَى الدُّنْيَوِيُّ أَنْ يَكُونَ مُرَادًا لِعَدَمِ جَوَازِ عُمُومِ الْمُشْتَرَكِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>