أُخْرَوِيٌّ، وَهُوَ الْمَأْثَمُ، ١٣ - وَدُنْيَوِيٌّ، وَهُوَ الْفَسَادُ.
١٤ - وَالْحُكْمَانِ مُخْتَلِفَانِ، فَصَارَ الْحُكْمُ بَعْدَ كَوْنِهِ مَجَازًا مُشْتَرَكًا ١٥ - فَلَا يَعُمُّ.
أَمَّا عِنْدَنَا فَلِأَنَّ الْمُشْتَرَكَ لَا عُمُومَ لَهُ،
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: أُخْرَوِيٌّ وَهُوَ الْمَأْثَمُ.
أَيْ الْإِثْمُ يَعْنِي الْمُرَادُ بِالْأُخْرَوِيِّ هُنَا الْإِثْمُ وَإِلَّا فَالْحُكْمُ الْأُخْرَوِيُّ هُوَ الثَّوَابُ وَالْعِقَابُ.
(١٣) قَوْلُهُ: وَدُنْيَوِيٌّ، وَهُوَ الْفَسَادُ يَعْنِي.
هُنَا، وَإِلَّا فَالْحُكْمُ الدُّنْيَوِيُّ هُوَ الْجَوَازُ وَالْفَسَادُ.
(١٤) قَوْلُهُ: وَالْحُكْمَانِ مُخْتَلِفَانِ إلَخْ.
إذْ الْأَوَّلُ مَبْنِيٌّ عَلَى صِحَّةِ الْعَزِيمَةِ وَفَسَادِهَا وَالثَّانِي مَبْنِيٌّ عَلَى وُجُودِ الْأَرْكَانِ وَالشَّرَائِطِ وَعَدَمِهَا فَيُوجَدُ أَحَدُهُمَا بِدُونِ الْآخَرِ كَمَنْ صَلَّى رِيَاءً مُرَاعِيًا الشَّرَائِطَ، وَالْأَرْكَانَ، وَمَنْ صَلَّى مُتَوَضِّئًا بِمَاءٍ نَجِسٍ غَيْرَ عَالِمٍ بِهِ، وَلَمَّا اخْتَلَفَ النَّوْعَانِ صَارَ لَفْظُ الْحُكْمِ مُشْتَرَكًا.
(١٥) قَوْلُهُ: فَلَا يَعُمُّ أَمَّا عِنْدَنَا فَلِأَنَّ الْمُشْتَرَكَ لَا عُمُومَ لَهُ.
قَالَ الْعَلَّامَةُ صَاحِبُ الْكَشْفِ: فِيهِ نَوْعُ اشْتِبَاهٍ، فَإِنَّ الِاشْتِرَاكَ الَّذِي لَا يَجْرِي الْعُمُومُ فِيهِ هُوَ الِاشْتِرَاكُ اللَّفْظِيُّ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ مَوْضُوعًا بِإِزَاءِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَعَانِي كَالْقُرْءِ دُونَ الْمَعْنَوِيِّ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ بِإِزَاءِ مَعْنًى يَعُمُّ أَشْيَاءَ مُخْتَلِفَةً كَالْحَيَوَانِ، وَالْحُكْمُ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الشَّيْءِ هُوَ الْأَثَرُ الثَّابِتُ بِهِ فَيَتَنَاوَلُ الْجَوَازَ وَالْفَسَادَ وَالثَّوَابَ وَالْعِقَابَ بِهَذَا الْمَعْنَى الْعَامِّ لَا بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ جَوَازًا أَوْ ثَوَابًا، وَمَا ذُكِرَ فِي بَعْضِ الشُّرُوحِ مِنْ أَنَّهُ يَتَنَاوَلُ الْجَوَازَ وَالْفَسَادَ وَالثَّوَابَ وَالْإِثْمَ قَصْدًا؛ لِأَنَّ هَذِهِ أَحْكَامٌ شَرْعِيَّةٌ كَالْعَيْنِ يَتَنَاوَلُ الْيَنْبُوعَ وَالشَّمْسَ قَصْدًا فَكَانَ مُشْتَرَكًا لَفْظِيًّا تَحَكُّمٌ إذْ لَا نَقْلَ فِيهِ، وَلَا دَلِيلَ عَلَيْهِ (انْتَهَى) .
قَالَ بَعْضُ الْأَفَاضِلِ: هَذَا الْمَنْعُ خَارِجٌ عَنْ قَانُونِ التَّوْجِيهِ بَيَانُهُ أَنَّ الشَّافِعِيَّ يَسْتَدِلُّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى عَدَمِ فَسَادِ الصَّلَاةِ بِالْأَكْلِ نَاسِيًا أَوْ مُحِيطًا فَقَالَ عُلَمَاؤُنَا رَدًّا عَلَيْهِ: إنَّمَا يَسْتَقِيمُ الِاسْتِدْلَال بِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْ لَوْ كَانَ غَيْرَ مُحْتَمَلٍ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ ثُمَّ بَيَّنُوا وَجْهَ الِاحْتِمَالِ بِأَنَّ لَفْظَ الْحُكْمِ مُشْتَرَكٌ عَلَى وَجْهِ السَّنَدِ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَدِلِّ حِينَئِذٍ إلَّا الْجَوَابُ عَنْ الْمَنْعِ لَا مَعَ السَّنَدِ أَوْ نَقُولُ بِوَجْهٍ أَظْهَرَ هُوَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ لِمَا ادَّعَى أَنَّ الْحُكْمَ مُشْتَرَكٌ مَعْنَوِيٌّ وَبَنَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute