وَمِنْهَا الدَّيْنُ يَسْقُطُ بِالْإِبْرَاءِ، وَمِنْهَا حَقُّ الْقِصَاصِ يَسْقُطُ بِالْعَفْوِ
١٠ - وَمِنْهَا حَقُّ الْقَسْمِ لِلزَّوْجَةِ يَسْقُطُ بِإِسْقَاطِهَا وَإِنْ كَانَ لَهَا الرُّجُوعُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ. وَأَمَّا حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا تَقْبَلُ الْإِسْقَاطَ مِنْ الْعَبْدِ. قَالُوا لَوْ عَفَا الْمَقْذُوفُ ثُمَّ عَادَ وَطَلَب حُدَّ،
١١ - لَكِنْ لَا يُقَامُ بَعْدَ عَفْوِهِ لِفَقْدِ الطَّلَبِ،
١٢ - وَأَمَّا مَا لَيْسَ بِلَازِمٍ مِنْ الْعُقُودِ فَلَا يَتَّصِفُ بِالْإِسْقَاطِ كَالْوَكَالَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَقَبُولِ الْوَدِيعَةِ
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: وَمِنْهَا الدَّيْنُ يَسْقُطُ بِالْإِبْرَاءِ. لِأَنَّ الدَّيْنَ مَا دَامَ فِي الذِّمَّةِ مُجَرَّدَ حَقٍّ وَلَيْسَ بِمِلْكٍ لِرَبِّ الدَّيْنِ. قَالَ فِي الْقُنْيَةِ بَعْدَ أَنْ رَمَّزَ لِلْمُنْتَقَى: قِيلَ لَهُ دَعْ دَيْنَكَ لَهُ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى فَقَالَ: هُوَ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى؛ يَبْرَأُ اسْتِحْسَانًا (انْتَهَى) وَمِنْهُ يُعْلَمُ جَوَابُ حَادِثَةِ الْفَتْوَى لَهُ عَلَيْهِ أَلْفٌ فَقَالَ: تَرَكْت لَهُ مِنْهُ خَمْسَمِائَةٍ هَلْ تَسْقُطُ عَنْهُ الْخَمْسُمِائَةِ؟
(١٠) قَوْلُهُ: وَمِنْهَا حَقُّ الْقَسْمِ لِلزَّوْجَةِ إلَى قَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ لَهَا حَقُّ الرُّجُوعِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ. أَقُولُ إنَّمَا جَازَ لَهَا الرُّجُوعُ لِأَنَّ حَقَّهَا لَمْ يَكُنْ ثَابِتًا بَعْدُ فَيَكُونُ مُجَرَّدَ وَعْدٍ فَلَا يَلْزَمُ كَالْمُعِيرِ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: لَكِنْ يَنْبَغِي عَدَمُ حِلِّ الرُّجُوعِ لِأَنَّهُ خُلْفٌ فِي الْوَعْدِ وَهُوَ حَرَامٌ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ، وَقَدْ صَرَّحَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ وَغَيْرُهُ فَإِنَّ الْعَارِيَّةَ قَبْلَ الْوَقْتِ مَكْرُوهٌ؛ لِأَنَّ فِيهِ خُلْفَ الْوَعْدِ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ: لَهَا أَنْ تَرْجِعَ يَصِحُّ لَهَا أَنْ تَرْجِعَ وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِكَرَاهَةِ رُجُوعِهَا.
(١١) قَوْلُهُ: لَكِنْ لَا يُقَامُ بَعْدَ عَفْوِهِ. أَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ إذَا عَفَى وَلَمْ يَطْلُبْ بَعْدَ الْعَفْوِ لَا يُقَامُ وَإِنْ عَفَى وَطَلَبَ أُقِيمَ.
(١٢) قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَا لَيْسَ بِلَازِمٍ مِنْ الْعُقُودِ فَلَا يَتَّصِفُ بِالْإِسْقَاطِ كَالْوَكَالَةِ. أَقُولُ ظَاهِرُ جَزْمِهِ بِذَلِكَ أَنَّهُ وَجَدَ الْحُكْمَ مَنْصُوصًا، وَعِبَارَاتُهُ فِي الرِّسَالَةِ الَّتِي فِي الْحُقُوقِ الَّتِي تَسْقُطُ بِالْإِسْقَاطِ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّهُ لَمْ يَجِدْ الْحُكْمَ حَيْثُ قَالَ، وَأَمَّا حَقُّ الْوَكَالَةِ وَالْعَارِيَّةِ الْوَدِيعَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَسْقُطَ بِالْإِسْقَاطِ، حَتَّى لَوْ قَالَ الْمُسْتَعِيرُ أَسْقَطْتُ حَقِّي مِنْ الِانْتِفَاعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute