للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذِّكْرُ الْمَشْرُوعُ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ لَا يُشَرَّعُ فِيهِ. مَا افْتَرَقَ فِيهِ سُجُودُ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ: سُجُودُ الشُّكْرِ لَا يَدْخُلُ الصَّلَاةَ بِخِلَافِهَا، وَاتَّفَقُوا عَلَى وُجُوبِ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ بِخِلَافِ سَجْدَةِ الشُّكْرِ. فَإِنَّهَا جَائِزَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.

ــ

[غمز عيون البصائر]

وَالْمُسْتَحَبُّ أَنَّهُ إذَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ يَقُومُ ثُمَّ يَسْجُدُ. وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَةِ يَقُومُ ثُمَّ يَقْعُدُ.

(٨) قَوْلُهُ: الذِّكْرُ الْمَشْرُوعُ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ وَلَا يُشْرَعُ فِيهِ إلَخْ أَيْ: فِي سُجُودِ السَّهْوِ. قَالَ فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ: وَمَاذَا يَقُولُ فِي هَذِهِ السَّجْدَةِ الْأَصَحُّ أَنَّهُ يَقُولُ فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ مِنْ التَّسْبِيحِ مَا يَقُولُ فِي سَجْدَةِ الصَّلَاةِ. وَبَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ اسْتَحْسَنُوا قَوْلَ {سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولا} [الإسراء: ١٠٨] . وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي سُجُودِهِ إذَا سَجَدَ لِلتِّلَاوَةِ سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ بِحَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ» وَقَدْ جَاءَ فِي الْأَخْبَارِ: أَنَّ «رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي رَأَيْت فِي الْمَنَامِ كَأَنِّي أَقْرَأُ سُورَةَ ص تَحْتَ شَجَرَةٍ فَلَمَّا بَلَغْت آيَةَ السَّجْدَةِ خَرَّتْ الشَّجَرَةُ فَسَمِعْتهَا تَقُولُ فِي السُّجُودِ: اللَّهُمَّ اُكْتُبْ لِي بِهَا عِنْدَك أَجْرًا، وَضَعْ عَنِّي بِهَا وِزْرًا وَاجْعَلْ لِي بِهَا عِنْدَك ذُخْرًا. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -: فَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ ذَلِكَ إذَا قَرَأَ سُورَةَ ص سَجَدَ. وَقَالَ فِي سُجُودِهِ مِثْلَ مَا حَكَى لَهُ ذَلِكَ الرَّجُلُ عَنْ الشَّجَرَةِ» (انْتَهَى) .

وَقَوْلُهُ: لَا يُشْرَعُ، فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الذِّكْرَ الْمَشْرُوعَ فِي سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ وَهُوَ سُبْحَةُ السُّجُودِ كَمَا فِي النُّقَايَةِ، أَيْ سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى ثَلَاثًا وَلَا شُبْهَةَ فِي أَنَّهُ مَشْرُوعٌ فِي سَجْدَتَيْ السَّهْوِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ يُزَادُ عَلَى مَا ذَكَرَ أَنَّ الرُّكُوعَ يَنُوبُ عَنْ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ فِي الصَّلَاةِ. وَكَذَا السَّجْدَةُ الصَّلَاتِيَّةُ إنْ نَوَى بِهَا سُجُودَ التِّلَاوَةِ. وَكَذَا الرُّكُوعُ خَارِجَهَا فِي غَيْرِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ بِخِلَافِ سُجُودِ السَّهْوِ. وَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يَذْكُرَ مَا افْتَرَقَ فِيهِ سُجُودُ التِّلَاوَةِ. وَالصَّلَاةُ عَلَى الْجِنَازَةِ وَذَلِكَ أَنَّ الْمَرْأَةَ تَصْلُحُ إمَامًا لِلرَّجُلِ فِي سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ دُونَ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَمِمَّا اشْتَرَكَا فِيهِ أَنَّ الْمُحَاذَاةَ لَا تُفْسِدُهُمَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>