للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا وَاجِبَةٌ.

١٠ - وَهُوَ مَعْنَى مَا رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهَا لَيْسَتْ مَشْرُوعَةً؛ أَيْ: وُجُوبًا.

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: لَا وَاجِبَةٌ. قِيلَ: عَلَيْهِ هَذَا مُشْكِلٌ فَإِنَّ الْخِلَافَ الثَّابِتَ بَيْنَ الْإِمَامِ وَصَاحِبَيْهِ بَلْ عَلَى هَذَا يُرْفَعُ الْخِلَافُ.

(١٠) قَوْلُهُ: وَهُوَ مَعْنَى مَا رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهَا لَيْسَتْ مَشْرُوعَةً أَيْ وُجُوبًا. أَقُولُ: رُوِيَ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ أَنَّهُ يَكْرَهُ سَجْدَةَ الشُّكْرِ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ: أَنَّ الْإِمَامَ كَانَ لَا يَرَاهَا شَيْئًا. وَفِي الْقُدُورِيِّ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ يَكْرَهُ سَجْدَةَ الشُّكْرِ، يَعْنِي؛ لِأَنَّ النِّعَمَ كَثِيرَةٌ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَسْجُدَ لِكُلِّ نِعْمَةٍ فَيُؤَدِّيَ إلَى تَكْلِيفِ مَا لَا يُطَاقُ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: نَحْنُ لَا نَكْرَهُهَا. وَتَكَلَّمَ الْمُتَقَدِّمُونَ فِي مَعْنَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَكَانَ الْإِمَامُ لَا يَرَاهَا شَيْئًا قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَرَاهَا سُنَّةً. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَرَاهَا شُكْرًا تَامًّا فَتَمَامُ الشُّكْرِ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ، وَلَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي شَيْءٍ مِنْ الْكُتُبِ.

وَذَكَرَ الْإِمَامُ عَلِيٌّ السَّعْدِيُّ فِي شَرْحِ كِتَابِ السِّيَرِ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ مَعَ مُحَمَّدٍ قَالَ فِي فَتَاوَى الْحُجَّةِ: وَقَدْ وَرَدَّتْ فِيهِ رِوَايَاتٌ كَثِيرَةٌ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَنْ الصَّحَابَةِ وَالصَّالِحِينَ، فَرُوِيَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا أُوتِيَ بِرَأْسِ أَبِي جَهْلٍ لَعَنْهُ اللَّهُ تَعَالَى يَوْمَ بَدْرٍ وَأُلْقِيَ بَيْنَ يَدَيْهِ سَجَدَ لِلَّهِ خَمْسَ سَجَدَاتٍ شُكْرًا» . فَلَا تُمْنَعُ الْعِبَادُ عَنْ سَجْدَةِ الشُّكْرِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخُضُوعِ وَالتَّعَبُّدِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَتَفْسِيرُهُ كَمَا فِي الْمُصَفَّى أَنْ يُكَبِّرَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ فَيَقُولَ سَاجِدًا: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَيُسَبِّحَ ثُمَّ يُكَبِّرَ تَكْبِيرَةً عِنْدَ رَفْعِ رَأْسِهِ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. وَفِي الْمَجْمَعِ وَشَرْحِهِ الْمَلَكِيِّ " وَسَجْدَةُ الشُّكْرِ غَيْرُ مَشْرُوعَةٍ ". يَعْنِي لَيْسَتْ بِقُرْبَةٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ بَلْ مَكْرُوهَةٌ لَا يُثَابُ عَلَيْهَا. وَقَالَا: قُرْبَةٌ يُثَابُ عَلَيْهَا وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِيمَنْ تَيَمَّمَ لِسَجْدَةِ الشُّكْرِ، تَجُوزُ الصَّلَاةُ بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ عِنْدَهُمَا وَلَا تَجُوزُ عِنْدَهُ لَهُمَا مَا رُوِيَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا رَأَى مُبْتَلًى أَوْ سَمِعَ مَا يَسُرُّهُ يَسْجُدُ لِلَّهِ شُكْرًا. وَلَهُ أَنَّ التَّقَرُّبَ بِالرَّكْعَةِ الْوَاحِدَةِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ فَلَا يُتَقَرَّبُ بِمَا دُونَهَا. وَمَا رَوَيَاهُ كَانَ فِي الِابْتِدَاءِ ثُمَّ نُسِخَ بِالنَّهْيِ عَنْ الْبَتْرَاءِ (انْتَهَى) .

وَفِي الْقُنْيَةِ: السَّجْدَةُ الَّتِي تَقَعُ عَقِيبَ الصَّلَاةِ مَكْرُوهَةٌ؛ لِأَنَّ الْجُهَّالَ إذَا رَأَوْهَا اعْتَقَدُوهَا سُنَّةً أَوْ وَاجِبَةً، وَكُلُّ مَا يُؤَدِّي إلَى هَذَا فَهُوَ مَكْرُوهٌ كَتَعْيِينِ السُّورَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>