. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[غمز عيون البصائر]
الْخُلُوَّ يُرْفَعُ ثُمَّ يُرَدُّ عَلَى بَائِعِهِ وَيُقَالُ: فَلَوْ اشْتَرَاهُ بِشَرْطِ الْقَرَارِ فَيَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ بِثَمَنِهِ وَيُرَدُّ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَلَا يَرْجِعُ بِثَمَنِهِ وَلَا نُقْصَانِهِ الْحَاصِلِ بِالْقَلْعِ مِنْ الدُّكَّانِ سُبْحَانَك هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ.
وَقَدْ نَقَلَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ عَنْ وَاقِعَاتِ الضَّرِيرِيِّ مَا نَصُّهُ: رَجُلٌ فِي يَدِهِ دُكَّانٌ فَغَابَ وَرَفَعَ الْمُتَوَلِّي أَمْرَهُ إلَى الْقَاضِي فَأَمَرَ الْقَاضِي بِفَسْخِهِ، وَإِجَارَتِهِ فَفَعَلَ الْمُتَوَلِّي ذَلِكَ وَحَضَرَ الْغَائِبُ فَهُوَ أَوْلَى بِدُكَّانِهِ، وَإِنْ شَاءَ أَجَازَ الْإِجَارَةَ، وَيَرْجِعُ بِخُلُوِّهِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَيُؤْمَرُ الْمُسْتَأْجِرُ بِأَدَاءِ ذَلِكَ إنْ رَضِيَ بِهِ وَإِلَّا يُؤْمَرَ بِالْخُرُوجِ مِنْ الدُّكَّانِ (انْتَهَى) .
قِيلَ: فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِالْخُلُوِّ فِي عِبَارَتِهِ مَا هُوَ الْمُتَعَارَفُ مِنْ أَنَّهُ اسْمٌ لِمَا يَمْلِكُهُ دَافِعُ الدَّرَاهِمِ مِنْ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي دَفَعَ الدَّرَاهِمَ فِي مُقَابَلَتِهَا فَهُوَ نَصٌّ فِي الْمَسْأَلَةِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
أَقُولُ مَا نَقَلَهُ عَنْ وَاقِعَاتِ الضَّرِيرِيِّ مِنْ ذِكْرِ لَفْظَةِ الْخُلُوِّ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهَا مَا هُوَ الْمُتَعَارَفُ كَذِبٌ، فَإِنَّ الثِّقَاتِ مِنْ النَّقْلَةِ كَصَاحِبِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْفُصُولَيْنِ نَقَلَ عِبَارَاتِ وَاقِعَاتِ الضَّرِيرِيِّ وَلَمْ يَذْكُرَ فِيهَا لَفْظَ الْخُلُوِّ كَيْفَ، وَقَدْ ذَكَرَ الْعِرَاقِيُّ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ مَسْأَلَةَ الْخُلُوِّ لَمْ يَقَعْ فِي كَلَامِ الْفُقَهَاءِ التَّعَرُّضُ لَهَا؟ وَسَيَأْتِي قَرِيبًا.
وَقَدْ اُشْتُهِرَ نِسْبَةُ مَسْأَلَةِ الْخُلُوِّ إلَى مَذْهَبِ عَالَمِ الْمَدِينَةِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ.
وَالْحَالُ أَنْ لَيْسَ فِيهَا نَصٌّ عَنْهُ وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، حَتَّى قَالَ الْبَدْرُ الْعِرَاقِيُّ إنَّهُ لَمْ يَقَعْ فِي كَلَامِ الْفُقَهَاءِ التَّعَرُّضُ بِمَسْأَلَةِ الْخُلُوِّ فِيمَا أَعْلَمُ، وَإِنَّمَا فِيهَا فُتْيَا لِلْعَلَّامَةِ نَاصِرِ الدِّينِ اللَّقَّانِيِّ الْمَالِكِيِّ بَنَاهَا عَلَى الْعُرْفِ، وَخَرَّجَهَا عَلَيْهِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ التَّخْرِيجِ فَيُعْتَبَرُ تَخْرِيجُهُ، وَإِنْ نُوزِعَ فِيهِ وَقَدْ اُشْتُهِرَتْ فُتْيَاهُ فِي الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ، وَتَلْقَاهَا عُلَمَاءُ عَصْرِهِ بِالْقَبُولِ وَهَبَّتْ عَلَيْهَا نَسِيمَاتُ الصِّبَا وَالْقَبُولِ وَلْنَذْكُرْ صُوَرَ السُّؤَالِ وَالْجَوَابِ وَاَللَّهُ الْهَادِي لِلصَّوَابِ.
فَنَصُّ السُّؤَالِ: مَا تَقُولُ السَّادَاتُ الْعُلَمَاءُ أَئِمَّةُ الدِّينِ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - فِي خُلُوِّ الْحَوَانِيتِ الَّذِي صَارَ عُرْفًا بَيْنَ النَّاسِ فِي هَذِهِ الْبَلْدَةِ وَغَيْرِهَا وَوَرِثْت النَّاسُ فِي ذَلِكَ مَالًا كَثِيرًا حَتَّى وَصَلَ خُلُوُّ الْحَانُوتِ فِي بَعْضِ الْأَسْوَاقِ أَرْبَعَمِائَةٍ دِينَارٍ ذَهَبًا جَدِيدًا؟ فَهَلْ إذَا مَاتَ شَخْصٌ وَلَهُ وَارِثٌ شَرْعِيٌّ يَسْتَحِقُّ خُلُوَّ حَانُوتِ مُوَرِّثِهِ عَمَلًا بِعُرْفِ مَا عَلَيْهِ النَّاسُ أَمْ لَا وَهَلْ إذَا مَاتَ شَخْصٌ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَمْ يُخْلِفْ مَا يَفِي بِدَيْنِهِ فَإِنَّهُ يُوَفِّي ذَلِكَ مِنْ خُلُوِّ حَانُوتِهِ؟ أَفْتَوْنَا مَأْجُورِينَ؟ .
وَنَصُّ الْجَوَابِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ نَعَمْ إذَا مَاتَ شَخْصٌ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، وَلَمْ يُخْلِفْ مَا يَفِي بِدَيْنِهِ فَإِنَّهُ يُوَفَّى مِنْ خُلُوِّ حَانُوتِهِ وَاَللَّهُ سُبْحَانُهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ (انْتَهَى) .
ثُمَّ إنَّ حَقِيقَةَ الْخُلُوِّ كَمَا قَالَهُ الْعَلَّامَةُ نُورُ الدِّينِ عَلِيٌّ الْأُجْهُورِيُّ الْمَالِكِيُّ فِي بَابِ الْعَارِيَّةِ مِنْ