. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[غمز عيون البصائر]
شَرْحِ مُخْتَصَرِ الشَّيْخِ خَلِيلٍ إنَّهُ اسْمٌ لِمَا يَمْلِكُهُ دَافِعُ الدَّرَاهِمِ مِنْ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي دَفَعَ الدَّرَاهِمَ فِي مُقَابَلَتِهَا (انْتَهَى) .
وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَتْ تِلْكَ الْمَنْفَعَةُ عِمَارَةً كَأَنْ يَكُونَ فِي الْوَقْتِ أَمَاكِنُ آيِلَةٍ إلَى الْخَرَابِ فَيُكْرِيهَا نَاظِرُ الْوَقْفِ لِمَنْ يَعْمُرُهَا وَيَكُونُ مَا صَرَفَهُ خُلُوًّا لَهُ وَيَصِيرُ شَرِيكًا لِلْوَاقِفِ بِمَا زَادَتْهُ عِمَارَتُهُ.
مَثَلًا لَوْ كَانَتْ الْأَمَاكِنُ قَبْلَ الْعِمَارَةِ بِنِصْفٍ كُلَّ يَوْمٍ وَصَارَتْ بَعْدَهَا تُكْتَرَى بِثَلَاثَةِ أَنْصَافٍ فَيَكُونُ صَاحِبُ الْخُلُوِّ شَرِيكًا بِالثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ، فَإِذَا احْتَاجَتْ تِلْكَ الْمَحَلَّاتُ إلَى عِمَارَةٍ كَانَ عَلَى الْوَاقِفِ فِي تِلْكَ الصُّورَةِ مَثَلًا الثُّلُثُ، وَعَلَى صَاحِبِ الْخُلُوِّ الثُّلُثَانِ، أَوْ كَانَتْ الْمَنْفَعَةُ غَيْرَ عِمَارَةٍ كَوَقِيدِ مِصْبَاحٍ مَثَلًا وَلَوَازِمِهِ لَا خُصُوصَ الْعِمَارَةِ خِلَافًا لِمَنْ خَصَّ الْمَنْفَعَةَ بِهَا دُونَ غَيْرِهَا إذْ الْمُعْتَبَرُ إنَّمَا هُوَ عَوْدُ الدَّرَاهِمِ لِمَنْفَعَتِهِ فِي الْوَقْتِ، كَأَنْ يَكُونَ فِي الْوَقْفِ عِمَارَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرهَا وَسَوَاءٌ كَانَ الْإِذْنُ فِي ذَلِكَ لِلْوَاقِفِ أَوْ لِلنَّاظِرِ خِلَافًا لِمَنْ خَصَّهُ بِالْوَاقِفِ؛ وَأَمَّا مَا يُدْفَعُ مِنْ خُلُوِّ الْحَوَانِيتِ لِمَنْ هُوَ مُسْتَأْجِرٌ كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا، فَقَدْ قَالَ فِيهِ بَعْضُهُمْ: إنَّ مَنْ مَلَكَ الْمَنْفَعَةَ مَلَكَهُ نَظَرًا لِكَوْنِ الْعَقْدِ صَحِيحًا فَالْمُسْتَأْجِرُ قَدْ مَلَكَ الْمَنْفَعَةَ، وَحِينَئِذٍ فَلَهُ أَخْذُ الْخُلُوِّ وَيُورَثُ عَنْهُ وَأَمَّا كَوْنُهُ إجَارَةً لَازِمَةً فَهَذَا لَا نِزَاعَ فِيهِ وَوَجْهُهُ أَنَّ الْوَاقِفَ لَمَّا يُرِيدُ أَنْ يَبْنِيَ مَحَلًّا لِلْوَقْفِ فَيَأْتِي لَهُ إنَاسٌ يَدْفَعُونَ لَهُ دَرَاهِمَ عَلَى أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ شَخْصٍ مَحَلٌّ مِنْ تِلْكَ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُرِيدُ الْوَاقِفُ بِنَاءَهَا فَإِذَا قَبِلَ مِنْهُمْ تِلْكَ الدَّرَاهِمَ فَكَأَنَّهُ بَاعَهُمْ تِلْكَ الْحِصَّةَ بِمَا دَفَعُوهُ لَهُ، وَكَأَنَّهُ لَمْ يَقِفْ جُزْءًا مِنْ تِلْكَ الْحِصَّةِ الَّتِي لِكُلٍّ، وَغَايَتُهُ أَنَّهُ وَظَّفَ عَلَيْهِمْ كُلَّ شَهْرٍ كَذَا فَلَيْسَ لِلْوَاقِفِ فِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ تَصَرُّفٌ إلَّا بِقَبْضِ الْحِصَّةِ الْمُوَظَّفَةِ فَقَطْ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُوَجِّهَهُ لِغَيْرِهِ، وَكَأَنَّ رَبَّ الْخُلُوِّ صَارَ شَرِيكًا لِلْوَاقِفِ فِي تِلْكَ الْحِصَّةِ.
وَشُرُوطُ صِحَّةِ الْخُلُوِّ أَنْ يَكُونَ مَا بَذَلَ مِنْ الدَّرَاهِمِ عَائِدًا عَلَى جِهَةِ الْوَقْفِ بِأَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا فِيهِ فَمَا يُفْعَلُ الْآنَ مِنْ أَخْذِ النَّاظِرِ الدَّرَاهِمَ مِمَّنْ فِي يَدِهِ الْخُلُوُّ، وَيَصْرِفُهَا فِي مَصَالِحِ نَفْسِهِ هُوَ بِحَيْثُ لَا يَعُودُ عَلَى الْوَقْفِ مِنْهَا شَيْءٌ وَيُجْعَلُ لِدَافِعِهَا خُلُوًّا فِي الْوَقْفِ.
فَهَذَا الْخُلُوُّ غَيْرُ صَحِيحٍ وَيَرْجِعُ الدَّافِعُ بِدَرَاهِمِهِ عَلَى النَّاظِرِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ لِلْوَقْفِ رَيْعٌ يُعْمَرُ مِنْهُ، فَإِنْ كَانَ يَفِي بِعِمَارَتِهِ وَمَصَارِيفِهِ كَأَوْقَافِ الْمُلُوكِ الْكَثِيرَةِ الرَّيْعِ صُرِفَ مِنْهُ عَلَى مَصَالِحِهِ وَمَنَافِعِهِ، وَلَا يَصِحُّ فِيهِ حِينَئِذٍ خُلُوٌّ.
فَلَوْ وَقَعَ ذَلِكَ كَانَ بَاطِلًا وَلِلْمُسْتَأْجِرِ الرُّجُوعُ عَلَى النَّاظِرِ بِمَا دَفَعَهُ مِنْ الدَّرَاهِمِ؛ لِأَنَّهُ يُنْزَعْ مِنْهُ عَلَى شَرْطٍ، وَلَمْ يَتِمَّ لِظُهُورِ عَدَمِ صِحَّةِ خُلُوِّهِ، وَأَنْ يُثْبِتَ ذَلِكَ الصَّرْفَ عَلَى مَنَافِعِ الْوَقْفِ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَلَوْ صَدَّقَهُ النَّاظِرُ عَلَى الصَّرْفِ مِنْ غَيْرِ ثُبُوتٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute