إلَى الْفُقَرَاءِ، فَالدَّيْنُ بَاقٍ عَلَيْهِ، وَهُوَ مُتَطَوِّعٌ فِي ذَلِكَ، وَوَصِيَّةُ الْمَيِّتِ قَائِمَةٌ (انْتَهَى) .
وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّ أَمْرَ الْقَاضِي لَا يَنْفُذُ إلَّا إذَا وَافَقَ الشَّرْعَ.
١٢ - وَصَرَّحَ فِي الذَّخِيرَةِ، وَالْوَلْوالِجِيَّة، وَغَيْرِهِمَا بِأَنَّ الْقَاضِيَ إذَا قَرَّرَ فَرَّاشًا لِلْمَسْجِدِ بِغَيْرِ شَرْطِ الْوَاقِفِ لَمْ يَحِلَّ لِلْقَاضِي ذَلِكَ، وَلَمْ يَحِلَّ لِلْفَرَّاشِ تَنَاوُلُ الْمَعْلُومِ (انْتَهَى) .
١٣ - وَبِهِ عُلِمَ حُرْمَةُ إحْدَاثِ الْوَظَائِفِ بِالْأَوْقَافِ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ مَعَ احْتِيَاجِهِ لِلْفَرَّاشِ لَمْ يَجُزْ تَقْرِيرُهُ؛ لِإِمْكَانِ اسْتِئْجَارِ فَرَّاشٍ بِلَا تَقْرِيرِ، فَتَقْرِيرُ غَيْرِهِ مِنْ الْوَظَائِفِ لَا يَحِلُّ بِالْأَوْلَى.
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: وَصَرَّحَ فِي الذَّخِيرَةِ، وَالْوَلْوالِجِيَّة إلَخْ: عِبَارَةُ الْوَلْوَالِجيَّةِ فِيمَا يَجُوزُ لِقَيِّمِ الْوَاقِفِ، وَلَوْ نَصَّبَ خَادِمًا لِمَسْجِدٍ، وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا إنْ كَانَ الْوَاقِفُ شَرَطَ ذَلِكَ فِي وَقْفِهِ حَلَّ لَهُ الْأَخْذُ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ فِي وَقْفِهِ لَا يَحِلُّ لَهُ الْأَخْذُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلنَّاظِرِ فِعْلُ ذَلِكَ، وَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَقْضِيَ بِذَلِكَ (١٣) قَوْلُهُ: وَبِهِ عُلِمَ حُرْمَةُ إحْدَاثِ الْوَظَائِفِ إلَخْ: شَمِلَ بِإِطْلَاقِهِ مَا إذَا كَانَ فِي الْوَقْفِ فَائِضٌ، وَسَيُصَرِّحُ بِهِ بَعْدُ.
قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَهَلْ يُصْرَفُ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَى الْمَسْجِدِ وَقْفًا مُطْلَقًا أَوْ عَلَى عِمَارَتِهِ كَمُؤَذِّنٍ، وَإِمَامٍ، لَمْ يَشْتَرِطْ الْوَاقِفُ لَهُمَا شَيْئًا.
الظَّاهِرُ مِمَّا هُنَا لَا يُصْرَفُ إلَّا إذَا شَرَطَ، وَلَوْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى مَصَالِحِ الْمَسْجِدِ صُرِفَ لَهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ مَصَالِحِهِ.
ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ رَأَيْت الشَّافِعِيَّةَ قَدْ نَصَّتْ عَلَى ذَلِكَ، وَقَوَاعِدُنَا لَا تَأْبَاهُ، قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَمَا ذَكَرَهُ: أَيْ صَاحِبُ الرَّوْضَةِ، مِنْ أَنَّهُ لَا يُصْرَفُ لِلْمُؤَذِّنِ، وَالْإِمَامِ فِي الْوَقْفِ الْمُطْلَقِ هُوَ مُقْتَضَى مَا قَالَهُ فِي الْأَصْلِ عَنْ الْبَغَوِيِّ لَكِنَّهُ نَقَلَ بَعْدَهُ عَنْ فَتَاوَى الْغَزَالِيِّ أَنَّهُ يُصْرَفُ لَهُمَا، وَهُوَ الْأَوْجَهُ كَمَا فِي الْوَقْفِ عَلَى مَصَالِحِهِ، وَكَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْوَصِيَّةِ لِلْمَسْجِدِ (انْتَهَى) .
وَقَوَاعِدُنَا لَا تَأْبَاهُ أَيْضًا، وَقَالَ الرَّمْلِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ، وَيَتَّجِهُ إلْحَاقُ الْحَصِيرِ، وَالدُّهْنِ بِهِمَا فِي ذَلِكَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute