للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبِهِ عُلِمَ أَيْضًا حُرْمَةُ إحْدَاثِ الْمُرَتَّبَاتِ بِالْأَوْقَافِ بِالْأَوْلَى، وَقَدْ سُئِلْتُ عَنْ تَقْرِيرِ الْقَاضِي الْمُرَتَّبَاتِ بِالْأَوْقَافِ فَأَجَبْت بِأَنَّهُ إنْ كَانَ مِنْ وَقْفٍ مَشْرُوطٍ لِلْفُقَرَاءِ ١٥ - فَالتَّقْرِيرُ صَحِيحٌ لَكِنَّهُ لَيْسَ بِلَازِمٍ، وَلِلنَّاظِرِ الصَّرْفُ إلَى غَيْرِهِ، وَقَطْعُ الْأَوَّلِ إلَّا إذَا حَكَمَ الْقَاضِي بِعَدَمِ تَقْرِيرِ غَيْرِهِ؛ فَحِينَئِذٍ يَلْزَمُ.

١٦ - وَهِيَ فِي أَوْقَافِ الْخَصَّافِ، وَغَيْرِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ وَقْفِ الْفُقَرَاءِ لَمْ يَصِحَّ، وَلَمْ يَحِلَّ، ١٧ - وَكَذَا إنْ كَانَ مِنْ وَقْفِ الْفُقَرَاءِ، وَقَرَّرَهُ لِمَنْ يَمْلِكُ نِصَابًا.

ثُمَّ سُئِلْت: لَوْ قُرِّرَ مِنْ فَائِضِ وَقْفٍ سَكَتَ الْوَاقِفُ عَنْ مَصْرِفِ

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: وَبِهِ عُلِمَ أَيْضًا إحْدَاثُ الْمُرَتَّبَاتِ إلَخْ.

قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: بَلِيَّةُ إحْدَاثِ الْمُرَتَّبَاتِ حَدَثَتْ سَنَةَ اثْنَيْنِ وَتِسْعِينَ وَتِسْعِمِائَةٍ، جَاءَ قَاضٍ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ مِنْ بَلَدِ السُّلْطَانِ، وَمَدّ يَدَهُ، وَأَطْلَقَ عَنَانَ قَلَمِهِ، وَلَمْ يُبْقِ وَقْفًا إلَّا، وَقَرَّرَ فِيهِ إلَّا مَا شَذَّ، وَجَاءَ قَاضٍ بَعْدَهُ، وَفَعَلَ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ دُونَهُ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَدَمَّرَ الْأَوْقَافَ.

(١٥) قَوْلُهُ: فَالتَّقْرِيرُ صَحِيحٌ: يَعْنِي إذَا كَانَ الْمُقَرِّرُ فَقِيرًا كَمَا يُفِيدُهُ مَا بَعْدَهُ.

(١٦) قَوْلُهُ: وَهِيَ فِي أَوْقَافِ الْخَصَّافِ، وَغَيْرِهِ: أَيْ فِي بَابِ: الرَّجُلُ يَقِفُ الْأَرْضَ فِي أَبْوَابِ الْبِرِّ أَوْ فِي الْحَجِّ أَوْ فِي ابْنِ السَّبِيلِ، فَهَذَا جَائِزٌ إذَا كَانَ قَدْ حَكَمَ بِهِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَدْ ذَكَرَ فَرْعًا عَنْ الْقُنْيَةِ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ قَبْلَ أَحْكَامِ الْمَسْجِدِ، وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ طَالَبَ الْقَيِّمُ أَهْلَ الْمَحَلَّةِ أَنْ يُفْرَضَ مِنْ مَالِ الْمَسْجِدِ لِلْإِمَامِ فَأَبَى فَأَمَرَهُ الْقَاضِي فَأَقْرَضَهُ ثُمَّ مَاتَ الْإِمَامُ مُفْلِسًا لَا يُضَمَّنُ (انْتَهَى) .

مَعَ أَنَّ الْقَيِّمَ لَيْسَ لَهُ إقْرَاضُ مَالِ الْمَسْجِدِ، وَلَكِنْ سَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ أَنَّ مَا فِي الْقُنْيَةِ لَا يُنَافِي مَا هُنَا عَنْ الْوَلْوَالِجيَّةِ؛ لِأَنَّ النَّاظِرَ لَا يَضْمَنُ مَا أَقْرَضَهُ بِإِذْنِ الْقَاضِي فَلْيُرَاجَعْ.

(١٧) قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ كَانَ مِنْ وَقْفِ الْفُقَرَاءِ: قِيلَ عَلَيْهِ: الَّذِي ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ أَنَّهُ يُكْرَهُ لِمَنْ يَمْلِكُ نِصَابًا فَقَطْ، وَمُقْتَضَى مَا ذَكَرَهُ هُنَا الْحُرْمَةُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>