أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ جَوَامِعِ الْكَلِمِ، لَا يَجُوزُ نَقْلُهُ بِالْمَعْنَى.
وَقَالَ أَصْحَابُنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - فِي بَابِ خِيَارِ الْعَيْبِ: إنَّ الزِّيَادَةَ الْمُنْفَصِلَةَ غَيْرَ الْمُتَوَلِّدَةِ مِنْ الْأَصْلِ لَا تَمْنَعُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ، كَالْكَسْبِ وَالْغَلَّةِ، وَتُسَلَّمُ لِلْمُشْتَرِي وَلَا يَضُرُّ حُصُولُهَا لَهُ مَجَّانًا؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ جُزْءًا مِنْ الْمَبِيعِ فَلَمْ يَمْلِكْهَا بِالثَّمَنِ، وَإِنَّمَا مَلَكَهَا بِالضَّمَانِ وَبِمِثْلِهِ يَطِيبُ الرِّبْحُ لِلْحَدِيثِ. وَهُنَا سُؤَالَانِ لَمْ أَرَهُمَا لِأَصْحَابِنَا. - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -: أَحَدُهُمَا: لَوْ كَانَ الْخَرَاجُ فِي مُقَابَلَةِ الضَّمَانِ لَكَانَتْ الزَّوَائِدُ قَبْلَ الْقَبْضِ لِلْبَائِعِ، تَمَّ الْعَقْدُ أَوْ انْفَسَخَ، لِكَوْنِهِ مِنْ ضَمَانِهِ وَلَا قَائِلَ بِهِ. وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْخَرَاجَ يُعَلَّلُ قَبْلَ الْقَبْضِ بِالْمِلْكِ وَبَعْدَهُ بِهِ وَبِالضَّمَانِ مَعًا. ٣ -
وَاقْتَصَرَ فِي الْحَدِيثِ عَلَى التَّعْلِيلِ بِالضَّمَانِ لِأَنَّهُ أَظْهَرُ عِنْدَ الْبَائِعِ وَأَقْطَعُ لِطَلَبِهِ
ــ
[غمز عيون البصائر]
إلَّا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ فِيمَا ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ حَتَّى وَجَدْنَاهُ مِنْ رِوَايَةِ يَزِيدَ بْنِ عِيَاضٍ عَنْ مَخْلَدٍ. هَذَا مُلَخَّصُ مَا فِي مِرْقَاةِ الصُّعُودِ شَرْحِ سُنَنِ أَبِي دَاوُد لِلْجَلَالِ السُّيُوطِيِّ.
(٢) قَوْلُهُ: إنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ جَوَامِعِ الْكَلِمِ لَا يَجُوزُ نَقْلُهُ بِالْمَعْنَى إلَخْ. إذْ يَعْجِزُ غَيْرُهُ عَنْ الْإِتْيَانِ بِهِ لِأَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا قُدْرَةَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ، فَإِذَا نُقِلَ وَبُدِّلَ خَرَجَ عَنْ جَوَامِعِ الْكَلِمِ إذْ هُوَ مَخْصُوصٌ بِهِ، وَمِثْلُ مَا كَانَ مِنْ جَوَامِعِ الْكَلِمِ مَا تُعُبِّدَ بِأَلْفَاظِهِ كَالْأَذَانِ وَالتَّشَهُّدِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ نَقْلُهُ بِالْمَعْنَى. وَالْخِلَافُ فِي نَقْلِ الْحَدِيثِ بِالْمَعْنَى فِي غَيْرِ هَذَيْنِ.
(٣) قَوْلُهُ: وَاقْتَصَرَ فِي الْحَدِيثِ عَلَى التَّعْلِيلِ بِالضَّمَانِ إلَخْ. فِيهِ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ أَدَاةُ تَعْلِيلٍ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْبَاءُ فِي الْحَدِيثِ لِلسَّبَبِيَّةِ، وَالسَّبَبُ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ عِلَّةً مَجَازًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute