وَاسْتِبْعَادِهِ أَنَّ الْخَرَاجَ لِلْمُشْتَرِي. الثَّانِي: لَوْ كَانَتْ الْغَلَّةُ بِالضَّمَانِ لَزِمَ أَنْ تَكُونَ الزَّوَائِدُ لِلْغَاصِبِ، لِأَنَّ ضَمَانَهُ أَشَدُّ مِنْ ضَمَانِ غَيْرِهِ. وَبِهَذَا اُحْتُجَّ لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي قَوْلِهِ أَنَّ الْغَاصِبَ لَا يَضْمَنُ مَنَافِعَ الْغَصْبِ. وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
٥ - قَضَى بِذَلِكَ فِي ضَمَانِ الْمِلْكِ وَجَعَلَ الْخَرَاجَ لِمَنْ هُوَ مَالِكُهُ إذَا تَلِفَ تَلِفَ عَلَى مِلْكِهِ، وَهُوَ الْمُشْتَرِي. وَالْغَاصِبُ لَا يَمْلِكُ الْمَغْصُوبَ، ٦ -
وَبِأَنَّ الْخَرَاجَ هُوَ الْمَنَافِعُ جَعَلَهَا لِمَنْ عَلَيْهِ الضَّمَانُ، وَلَا خِلَافَ أَنَّ الْغَاصِبَ لَا يَمْلِكُ الْمَغْصُوبَ، بَلْ إذَا أَتْلَفَهَا فَالْخِلَافُ فِي ضَمَانِهَا عَلَيْهِ فَلَا يَتَنَاوَلُ مَوْضِعَ الْخِلَافِ، ذَكَرَهُ الْأَسْيُوطِيُّ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ فِيمَا إذَا دَفَعَ الْأَصِيلُ الدَّيْنَ إلَى الْكَفِيلِ قَبْلَ الْأَدَاءِ عَنْهُ، فَرَبِحَ الْكَفِيلُ فِيهِ وَكَانَ مِمَّا يَتَعَيَّنُ، أَنَّ الرِّبْحَ يَطِيبُ لَهُ، وَاسْتَدَلَّ لَهُمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِالْحَدِيثِ؛ وَقَالَ الْإِمَامُ يَرُدُّهُ عَلَى الْأَصِيلِ فِي رِوَايَةٍ، وَيَتَصَدَّقُ بِهِ فِي رِوَايَةٍ. وَقَالُوا فِي
ــ
[غمز عيون البصائر]
(٤) قَوْلُهُ: وَاسْتِبْعَادِهِ أَنَّ إلَخْ. عَطْفٌ عَلَى طَلَبِهِ وَالضَّمِيرُ لِلْبَائِعِ وَالْإِضَافَةُ فِيهِ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى فَاعِلِهِ، وَقَوْلُهُ: إنَّ الْخَرَاجَ لِلْمُشْتَرِي مَفْعُولُ الِاسْتِبْعَادِ.
(٥) قَوْلُهُ: قَضَى بِذَلِكَ فِي ضَمَانِ الْمِلْكِ إلَخْ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالضَّمَانِ ضَمَانٌ خَاصٌّ فَاللَّامُ فِيهِ لِلْعَهْدِ، وَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ الْعِبْرَةَ لِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ كَمَا تَقَرَّرَ.
(٦) قَوْلُهُ: وَبِأَنَّ الْخَرَاجَ هُوَ الْمَنَافِعُ إلَخْ. جَوَابٌ آخَرُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَئُولُ إلَى الْأَوَّلِ لَكِنَّ التَّصَرُّفَ فِي الْأَوَّلِ فِي جَانِبِ الضَّمَانِ بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ ضَمَانٌ خَاصٌّ، وَالتَّصَرُّفُ فِي الثَّانِي فِي جَانِبِ الْخَارِجِ يَجْعَلُهُ عَيْنَ الْمَنَافِعِ لَكِنْ مَعَ تَقْرِيرِ التَّصَرُّفِ فِي جَانِبِ الضَّمَانِ بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ ضَمَانُ الْمِلْكِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: وَلَا مِلْكَ لِلْغَاصِبِ فَتَدَبَّرْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute