إلَّا إذَا لَمْ يُعَيِّنْ الْمَنْذُورُ؛ كَمَا لَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُطْعِمَ هَذَا الْمِسْكِينَ شَيْئًا فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ، وَلَوْ عَيَّنَ مِسْكِينَيْنِ لَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى وَاحِدٍ
١١ - يُحْبَسُ الْمُمْتَنِعُ عَنْ أَدَاءِ الزَّكَاةِ، وَاخْتَلَفُوا فِي أَخْذِهَا مِنْهُ جَبْرًا وَالْمُعْتَمَدُ: لَا.
ــ
[غمز عيون البصائر]
أَنْ أَتَصَدَّقَ الْيَوْمَ بِهَذَا الدِّرْهَمِ عَلَى هَذَا الْفَقِيرِ فَتَصَدَّقَ غَدًا بِدِرْهَمٍ آخَرَ عَلَى غَيْرِهِ تُجْزِيه عِنْدَنَا وَلَا تُجْزِيهِ عِنْدَ زُفَرَ. لِأَنَّهُ أَتَى بِغَيْرِ مَا الْتَزَمَ بِنَذْرِهِ فَلَا يُعْتَبَرُ عِنْدَهُ. وَلَنَا أَنَّ مَا هُوَ قُرْبَةٌ وَهُوَ أَصْلُ التَّصَدُّقِ دَخَلَ تَحْتَ النَّذْرِ وَقَدْ أَعْطَاهُ، وَالتَّعْيِينُ لَيْسَ بِقُرْبَةٍ فَيَبْطُلُ وَفِي الْعِمَادِيَّةِ: وَلَوْ أَمَرَ رَجُلًا وَقَالَ تَصَدَّقْ بِهَذَا الْمَالِ عَلَى مَسَاكِينِ أَهْلِ الْكُوفَةِ بِكَذَا فَتَصَدَّقَ عَلَى مَسَاكِينِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ جَازَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَضْمَنُ الْمُوصِي (انْتَهَى) .
قُلْتُ فَلَوْ وَقَفَ عَلَى فُقَرَاءِ الْكُوفَةِ فَصَرَفَ الْمُتَوَلِّي ذَلِكَ عَلَى فُقَرَاءِ الْبَصْرَةِ قِيَاسُ الْوَقْفِ عَلَى الْوَصِيَّةِ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْخِلَافِ وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ مِنْ الْخَامِسِ مِنْ كِتَابِ الزَّكَاةِ: وَلَوْ نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَى الذِّمِّيِّ وَعَلَى مَسَاكِينِ مَكَّةَ جَازَ لِغَيْرِهِمْ، وَبِهِ فَارَقَ الْوَصِيَّةَ (انْتَهَى) .
قُلْتُ: وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ عَنْ الْمُنْتَقَى (١٠) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا لَمْ يُعَيِّنْ الْمَنْذُورَ إلَخْ. كَانَ حَقُّ الْعِبَارَةِ أَنْ يَقُولَ إلَّا إذَا عَيَّنَ الْمِسْكِينَ وَلَمْ يُعَيِّنْ الْمَنْذُورَ وَكَانَ حَقُّ الْعِبَارَةِ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهَا أَنْ يَقُولَ عَيَّنَ النَّاذِرُ مِسْكِينًا وَعَيَّنَ الْمَنْذُورَ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(١١) قَوْلُهُ: يُحْبَسُ الْمُمْتَنِعُ عَنْ أَدَاءِ الزَّكَاةِ إلَخْ. فِي الْمُحِيطِ لَوْ امْتَنَعَ عَنْ أَدَائِهَا فَالسَّاعِي لَا يَأْخُذُ مِنْهُ كُرْهًا، وَلَوْ أَخَذَ لَا تُقْطَعُ عَنْ الزَّكَاةِ لِكَوْنِهَا بِلَا اخْتِيَارٍ، وَلَكِنْ يُجْبِرُهُ بِالْحَبْسِ لِيَتَأَذَّى بِنَفْسِهِ لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ لَا يَسْلُبُ الِاخْتِيَارَ بَلْ الطَّوَاعِيَةَ فَيَتَحَقَّقُ الْأَدَاءُ عَنْ اخْتِيَارٍ (انْتَهَى) . وَفِي مُخْتَصَرِ الطَّحَاوِيِّ: وَمَنْ امْتَنَعَ عَنْ أَدَاءِ زَكَاةِ مَالِهِ فَأَخَذَهَا الْإِمَامُ كُرْهًا مِنْهُ فَوَضَعَهَا فِي أَهْلِهَا أَجْزَأَهُ، لِأَنَّ لِلْإِمَامِ وِلَايَةَ أَخْذِ الصَّدَقَاتِ فَقَامَ أَخْذُهُ مَقَامَ دَفْعِ الْمَالِكِ (انْتَهَى) .
وَفِي الْقُنْيَةِ فِيهِ إشْكَالٌ لِأَنَّ النِّيَّةَ فِيهَا شَرْطٌ وَلَمْ تُوجَدْ مِنْهُ (انْتَهَى) .
وَأَجَابَ عَنْهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَبْدُ الْبَرِّ بْنِ الشِّحْنَةِ بِأَنَّ الصُّورَةَ مَفْرُوضَةٌ فِيمَنْ أُخِذَ مِنْهُ زَكَاةُ مَالٍ اللَّهُمَّ أَنْ يُرِيدَ التَّلَفُّظَ بِهَا وَلَيْسَ بِشَرْطٍ عِنْدَنَا (انْتَهَى) .
وَفِي الْمَجْمَعِ: وَلَا يَأْخُذُهَا مِنْ سَائِمَةٍ امْتَنَعَ رَبُّهَا مِنْ أَدَائِهَا بِغَيْرِ رِضَاهُ بَلْ نَأْمُرُهُ لِيُؤَدِّيَهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute