. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[غمز عيون البصائر]
كَالْكَافِرِ إذَا أَسْلَمَ وَالصَّبِيِّ إذَا بَلَغَ وَالْحَائِضِ إذَا طَهُرَتْ يَجِبُ الْأَدَاءُ عَلَيْهِمْ وَيَسْتَحِقُّونَ الْإِثْمَ بِتَرْكِ الْأَدَاءِ وَمَا يَكُونُ الْفِعْلُ بِهِ فِي حَيِّزِ الْجَوَازِ عَقْلًا وَإِنْ كَانَ مِنْ النَّوَادِرِ عَادَةً وَحِسًّا، وَيَظْهَرُ أَثَرُ هَذِهِ الْقُدْرَةِ فِي لُزُومِ الْأَدَاءِ لِخَلَفِهِ الَّذِي وَهِمَ الْقَضَاءَ لَا بِعَيْنِهِ كَمَا فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ إذَا كَانَ فِي الْوَقْتِ ضِيقٌ بِحَيْثُ لَا يَسَعُ فِيهِ إلَّا قَدْرَ التَّحْرِيمَةِ، كَانَ الْأَدَاءُ وَاجِبًا عَلَيْهِمْ لَا لِذَاتِهِ بَلْ لِخَلَفِهِ وَهُوَ الْقَضَاءُ لِوُجُودِ تَوَهُّمِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْأَدَاءِ بِحُصُولِ الِامْتِدَادِ فِي الْوَقْتِ بِوُقُوفِ الشَّمْسِ إذْ هِيَ فِي حَيِّزِ الْجَوَازِ عَقْلًا، وَلِذَا وَقَعَ لِسُلَيْمَانَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقُدْرَةَ الْمُتَوَهَّمَةَ شَرْطٌ لِوُجُوبِ الْأَدَاءِ فَأَحَدُ قِسْمَيْهَا لِلُزُومِ الْأَدَاءِ بِعَيْنِهِ وَالْآخَرُ لِلُزُومِ الْأَدَاءِ بِخَلَفِهِ وَهُوَ الْقَضَاءُ، وَأَمَّا الْكَامِلُ وَهُوَ الْقُدْرَةُ الْمُيَسَّرَةُ لِلْأَدَاءِ فَهُوَ مَا يُوجِبُ يُسْرَ الْأَدَاءِ عَلَى الْعَبْدِ كَالنَّمَاءِ فِي نِصَابِ الزَّكَاةِ وَفُرِّقَ مَا بَيْنَ الْقُدْرَتَيْنِ أَنَّ الْأَوَّلَ شَرْطٌ مَحْضٌ لَيْسَ فِيهَا مَعْنَى الْعِلَّةِ وَالثَّانِيَةُ شَرْطٌ فِي مَعْنَى الْعِلَّةِ؛ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ اشْتِرَاطَ الْقُدْرَةِ الْمُمْكِنَةِ لَيْسَ إلَّا لِلتَّمَكُّنِ مِنْ الْفِعْلِ وَلَا يُمْكِنُ إثْبَاتُ الْوَاجِبِ بِدُونِهِ فَهُوَ لَا يُغَيِّرُ صِفَةَ الْوَاجِبِ فَلَا يُوجَدُ فِيهَا مَعْنَى الْعِلَّةِ فَكَانَتْ شَرْطًا مَحْضًا فَلَمْ يُشْتَرَطْ بَقَاؤُهَا لِبَقَاءِ الْوَاجِبِ، إذَا الْبَقَاءُ غَيْرُ الْوُجُودِ وَشَرْطُ الْوُجُودِ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ شَرْطَ الْبَقَاءِ كَالشُّهُودِ فِي النِّكَاحِ شَرْطُ الِانْعِقَادِ دُونَ الْبَقَاءِ.
وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهَا لَمَّا اُعْتُبِرَتْ لِلتَّيَسُّرِ أَمْكَنَ إثْبَاتُ الْوَاجِبِ بِدُونِ تِلْكَ الصِّفَةِ مَعَ صِفَةِ الْعُسْرِ فَإِذَا اُشْتُرِطَ فَكَأَنَّهَا غَيَّرَتْ صِفَةَ الْوَاجِبِ عَنْ الْعُسْرِ إلَى الْيُسْرِ فَكَانَتْ فِي مَعْنَى الْعِلَّةِ لِتَأْثِيرِهَا فِيهَا فَاشْتُرِطَ دَوَامُهَا لِدَوَامِ الْوَاجِبِ لَا لِمَعْنَى الشَّرْطِيَّةِ لَكِنْ لِمَعْنَى الْعَلِيَّةِ لِأَنَّ هَذِهِ مِمَّا لَا يُمْكِنُ بَقَاءُ الْحُكْمِ بِدُونِهَا إذْ لَا يُتَصَوَّرُ الْيُسْرُ بِدُونِ الْقُدْرَةِ الْمُيَسِّرَةِ، وَالْوَاجِبُ بِدُونِ صِفَةِ الْيُسْرِ لِأَنَّهُ لَمْ يُشْرَعْ إلَّا بِتِلْكَ الصِّفَةِ فَلِهَذَا اُشْتُرِطَ بَقَاءُ الْقُدْرَةِ الْمُيَسِّرَةِ دُونَ الْمُمْكِنَةِ لِبَقَاءِ الْوَاجِبِ، مَعَ أَنَّ الظَّاهِرَ يَقْتَضِي الْعَكْسَ إذَا الْفِعْلُ لَا يُتَصَوَّرُ بِدُونِ الْإِمْكَانِ وَيُتَصَوَّرُ بِدُونِ الْيُسْرِ وَيَتَفَرَّغُ عَلَى مَا ذُكِرَ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ الْقُدْرَتَيْنِ أَنَّ الزَّكَاةَ تَسْقُطُ بِهَلَاكِ النِّصَابِ وَلَوْ بَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنْ أَدَائِهَا لِأَنَّهَا وَجَبَتْ بِصِفَةِ الْيُسْرِ بِدُونِهِ لِاشْتِرَاطِ النَّمَاءِ فِي وُجُوبِهَا تَحْقِيقًا أَوْ تَقْدِيرًا لِئَلَّا يُنْتَقَصَ بِهِ أَصْلُ الْمَالِ مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْ أَدَائِهَا، وَلَا يُجَابُ الْقَلِيلُ مِنْ الْكَثِيرِ لَا يُقَالُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجِبَ الضَّمَانُ فِي صُورَةِ الِاسْتِهْلَاكِ أَيْضًا لِأَنَّ اشْتِرَاطَ بَقَائِهَا إنَّمَا كَانَ نَظَرًا لِلْمُكَلَّفِ وَتَيْسِيرًا عَلَيْهِ، فَبِالتَّعَدِّي قَدْ خَرَجَ عَنْ اسْتِحْقَاقِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute