فَلَوْ افْتَقَرَ بَعْدَ يَوْمِ الْعِيدِ لَمْ تَسْقُطْ
٣٢ - أَنْفَقَ عَلَى أَقَارِبِهِ بِنِيَّةِ الزَّكَاةِ جَازَ إلَّا إذَا حُكِمَ عَلَيْهِ بِنَفَقَتِهِمْ،
ــ
[غمز عيون البصائر]
النَّظَرِ لَهُ أَوْ يَجْعَلُ الْقُدْرَةَ الْمُيَسَّرَةَ هُنَا بَاقِيَةً تَقْدِيرًا نَظَرًا لِلْفَقِيرِ وَزَجْرًا عَلَى الْمُتَعَدِّي وَرَدًّا لِمَا قَصَدَهُ مِنْ إسْقَاطِ الْوَاجِبِ عَنْ نَفْسِهِ وَيَتَفَرَّعُ عَلَى مَا ذُكِرَ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ الْقُدْرَتَيْنِ عَدَمُ وُجُوبِ الْحَجِّ بِفَوَاتِ مِلْكِ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ، وَعَدَمُ سُقُوطِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ بِهَلَاكِ النِّصَابِ لَا، فَهُمَا يَجِبَانِ بِقُدْرَةٍ مُمْكِنَةٍ.
أَمَّا الْحَجُّ فَلِأَنَّ الِاسْتِطَاعَةَ الَّتِي هِيَ شَرْطٌ لَا تَحْصُلُ لِلنَّائِي عَنْ الْكَعْبَةِ إلَّا بِالزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ عَلَى مَا هُوَ الْمُعْتَادُ إذْ بِدُونِهِمَا يَتَحَقَّقُ الْهَلَاكُ غَالِبًا فَاشْتِرَاطُهَا لِلتَّمَكُّنِ مِنْ السَّفَرِ لَا لِلتَّيَسُّرِ، إذْ الْيُسْرُ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِمَرَاكِبَ وَأَعْوَانٍ وَخَدَمٍ وَلَيْسَتْ شَرْطًا بِالْإِجْمَاعِ، وَأَمَّا صَدَقَةُ الْفِطْرِ فَلِعَدَمِ اشْتِرَاطِ النَّمَاءِ فِي النِّصَابِ حَتَّى تَجِبَ بِثِيَابِ الْبِذْلَةِ وَالْمِحْنَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ حَوَلَانُ الْحَوْلِ. وَالْيُسْرُ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِالْمَالِ النَّامِي كَذَا فِي الْمِرْآةِ شَرْحِ الْمِرْقَاةِ. (٣١) قَوْلُهُ: فَلَوْ افْتَقَرَ بَعْدَ يَوْمِ الْعِيدِ لَمْ تَسْقُطْ إلَخْ. هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ وَمِنْ ثَمَّ اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ. قَالَ فِي جَامِعِ الْمُضْمَرَاتِ: وَإِنْ أَخَّرُوهَا عَنْ يَوْمِ الْفِطْرِ. وَالْأَصَحُّ مَا قُلْنَا لِأَنَّ هَذِهِ صَدَقَةٌ مَالِيَّةٌ لَا تَسْقُطُ بَعْدَ الْوُجُوبِ إلَّا بِالْأَدَاءِ وَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ. كَالزَّكَاةِ بِخِلَافِ الْأُضْحِيَّةِ لِأَنَّهَا تَكُونُ قُرْبَةً فِي زَمَانٍ مَخْصُوصٍ. وَأَمَّا التَّصَدُّقُ بِالْمَالِ فَهُوَ قُرْبَةٌ فِي الْأَمَاكِنِ أَجْمَعَ (انْتَهَى) .
وَمُرَادُهُ بِالزَّكَاةِ الْمُشَبَّهُ بِهَا مَا دَامَ الْمَالُ بَاقِيًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَتَسْقُطُ بِهَلَاكِ الْمَالِ بَعْدَ الْحَوْلِ؛ يَعْنِي سَوَاءٌ تَمَكَّنَ مِنْ الْأَدَاءِ أَوْ لَا. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إذَا تَمَكَّنَ مِنْ الْأَدَاءِ بَعْدَ الْحَوْلِ وَلَمْ يُؤَدِّ ضَمِنَ، لِتَقَرُّرِ الْوُجُوبِ عَلَيْهِ بِالتَّمَكُّنِ فَلَمْ يَبْرَأْ بِعَجْزِهِ بَعْدَهُ كَمَا فِي دُيُونِ الْعِبَادِ وَصَدَقَةِ الْفِطْرِ وَالْحَجِّ، كَمَنْ لَمْ يُصَلِّ حَتَّى فَاتَ الْوَقْتُ. وَلَنَا أَنَّ الشَّرْعَ عَلَّقَ الْوُجُوبَ بِقُدْرَةٍ مُيَسِّرَةٍ وَكُلُّ مَا عُلِّقَ بِقُدْرَةٍ مُيَسِّرَةٍ لَا يَبْقَى بِدُونِهَا
(٣٢) قَوْلُهُ: أَنْفَقَ عَلَى أَقَارِبِهِ بِنِيَّةِ الزَّكَاةِ جَازَ إلَخْ. فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: رَجُلٌ يَعُولُ أُخْتَهُ أَوْ أَخَاهُ أَوْ عَمَّهُ فَأَرَادَ أَنْ يُعْطِيَهُ الزَّكَاةَ فَإِنْ لَمْ يَفْرِضْ الْقَاضِي عَلَيْهِ النَّفَقَةَ جَازَ، لِأَنَّ التَّمْلِيكَ مِنْ هَؤُلَاءِ بِصِفَةِ الْقُرْبَةِ يَتَحَقَّقُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَيَتَحَقَّقُ رُكْنُ الزَّكَاةِ، وَإِنْ فَرَضَ لِزَمَانِهِ إنْ لَمْ يَحْتَسِبْ مِنْ نَفَقَتِهِمْ جَازَ، وَإِنْ كَانَ يَحْتَسِبُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ هَذَا أَدَاءُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute