للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذَا أَكَلَ أَوْ شَرِبَ مَا يَتَغَذَّى بِهِ أَوْ يَتَدَاوَى بِهِ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَإِلَّا فَلَا؛ ٨ - إلَّا الدَّمَ إذَا شَرِبَهُ فَإِنَّ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةَ فَإِنَّهُ طَعَامٌ لِبَعْضِ النَّاسِ

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: إذَا أَكَلَ أَوْ شَرِبَ مَا يَتَغَذَّى بِهِ إلَخْ. الْمَسْأَلَةُ مُقَيَّدَةٌ بِمَا إذَا أَكَلَ أَوْ شَرِبَ عَمْدًا لِيُخْرِجَ بِهِ النَّاسِ وَالْمُخْطِئُ وَالْمُكْرَهُ، وَمُقَيَّدَةٌ بِمَا إذَا لَمْ يُوجَدْ فِي ذَلِكَ مَا يُسْقِطُهَا كَمَا لَوْ مَرِضَتْ فِي يَوْمِ الْجِمَاعِ أَوْ حَاضَتْ أَوْ نَفِسَتْ، خِلَافًا لِزُفَرَ كَذَا لَوْ مَرِضَ هُوَ فِي الْأَصَحِّ. وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيمَا لَوْ مَرِضَ بِجَرْحِ نَفْسِهِ وَالْمُخْتَارُ عَدَمُ سُقُوطِهَا كَمَا لَوْ سَافَرَ مُكْرَهًا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَاتَّفَقَتْ الرِّوَايَةُ عَلَى عَدَمِ سُقُوطِهَا فِيمَا لَوْ سَافَرَ طَائِعًا بَعْدَ مَا أَفْطَرَ مَا سَافَرَ لَمْ تَجِبْ، ثُمَّ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَنْوِيَ مِنْ اللَّيْلِ أَوْ النَّهَارِ. وَفِي النَّوَادِرِ إنْ نَوَى مِنْ النَّهَارِ ثُمَّ أَكَلَ لَمْ يُكَفِّرْ وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّحِيحُ. كَمَا فِي الْكَشْفِ، وَلَوْ أَصْبَحَ غَيْرَ نَاوٍ لِلصَّوْمِ ثُمَّ أَكَلَ لَمْ يُكَفِّرْ عِنْدَهُ وَكَفَّرَ عِنْدَهُمَا. وَلَوْ أَكَلَ بَعْدَ الزَّوَالِ فَلَا كَفَّارَةَ عِنْدَ الْكُلِّ كَمَا فِي النَّظْمِ. وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْفِطْرَ بِالْجِمَاعِ وَقَدْ ذَكَرَهُ النَّسَفِيُّ فِي الْكَنْزِ فَقَالَ: وَمَنْ جَامَعَ أَوْ جُومِعَ أَوْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ غِذَاءً أَوْ دَوَاءً عَمْدًا قَضَى وَكَفَّرَ. قَالَ الْحَدَّادِيُّ: وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَى التَّغَذِّي فَقِيلَ: هُوَ مَا يَمِيلُ إلَيْهِ الطَّبْعُ وَتَنْقَضِي بِهِ شَهْوَةُ الْبَطْنِ. وَقِيلَ: هُوَ مَا يَعُودُ نَفْعُهُ إلَى إصْلَاحِ الْبَدَنِ. وَأَثَرُ الْخِلَافِ يَظْهَرُ فِيمَا لَوْ ابْتَلَعَ لُقْمَةً أَخْرَجَهَا مِنْ فِيهِ يَجِبُ عَلَى الثَّانِي لَا الْأَوَّلِ (انْتَهَى) .

وَفِيهِ أَنَّ مَا يَعُودُ إلَى إصْلَاحِ الْبَدَنِ يَشْمَلُ الدَّوَاءَ، فَلَا يَكُونُ التَّعْرِيفُ جَامِعًا، فَيَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ: وَلَا يَكُونُ دَوَاءً. وَمِمَّا يُمْكِنُ أَنْ يُخَرَّجَ عَلَى الْخِلَافِ مَا لَوْ ابْتَلَعَ رِيقَ غَيْرِهِ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ لِلْعِيَافَةِ وَقَالَ الْحَلْوَانِيُّ وَغَيْرُهُ إنْ كَانَ جَيَّبَهُ تَجِبُ. قَالَ فِي الدِّرَايَةِ: لِوُجُودِ مَعْنَى صَلَاحِ الْبَدَنِ فِيهِ. وَجَزَمَ بِهِ الْعَلَّامَةُ النَّسَفِيُّ فِي الْكَنْزِ فِي مَسَائِلَ شَتَّى آخِرَ الْكِتَابِ (٨) قَوْلُهُ: إلَّا الدَّمَ إذَا شَرِبَهُ إلَخْ. فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ: وَلَوْ أَكَلَ دَمًا فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ دُونَ الْكَفَّارَةِ لِأَنَّهُ مِمَّا يَسْتَقْذِرُهُ الطَّبْعُ. وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ (انْتَهَى) .

وَمِنْهُ يَعُمُّ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَبْنِيٌّ عَلَى خِلَافِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. وَالْأَكْلُ فِي عِبَارَةِ الظَّهِيرِيَّةِ وَالشُّرْبُ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ لَا مَفْهُومَ لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>