للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ أَفْضَلُ ١٠ - إلَّا إذَا خَافَ عَلَى نَفْسِهِ ١١ - أَوْ كَانَ لَهُ رُفْقَةٌ اشْتَرَكُوا مَعَهُ فِي الزَّادِ وَاخْتَارُوا الْفِطْرَ

١٢ - صَوْمُ يَوْمِ الشَّكِّ مَكْرُوهٌ

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ أَفْضَلُ. لِأَنَّ الصَّوْمَ عَزِيمَةٌ وَالتَّأْخِيرَ رُخْصَةٌ وَالْأَخْذُ بِالْعَزِيمَةِ أَفْضَلُ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: فِيهِ نَظَرٌ، لِلْحَدِيثِ «لَيْسَ مِنْ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ» أَقُولُ: الْحَدِيثُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ يَضُرُّهُ الصَّوْمُ وَيُضْعِفُهُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ سَبَبُ وُرُودِ الْحَدِيثِ، وَهُوَ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ فِي سَفَرٍ فَرَأَى رَجُلًا قَدْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: صَائِمٌ فَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَيْسَ مِنْ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ» . (١٠) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا خَافَ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يُجْهِدَهُ الصَّوْمُ وَيُضْعِفَهُ، فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ مَكْرُوهًا كَمَا فِي النَّهْرِ، وَإِنَّمَا كَانَ الصَّوْمُ أَفْضَلَ إنْ لَمْ يَضُرَّهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: ١٨٤] وَلِأَنَّ رَمَضَانَ أَفْضَلُ الْوَقْتَيْنِ فَكَانَ الْأَدَاءُ فِيهِ أَوْلَى وَلَا يُرَدُّ عَلَيْنَا الْقَصْرُ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ وَاجِبٌ حَتَّى يَأْثَمَ بِالْإِتْمَامِ لِأَنَّ الْقَصْرَ هُوَ الْعَزِيمَةُ، وَتَسْمِيَتُهُمْ لَهُ رُخْصَةً إسْقَاطُ مَجَازٍ وَقَوْلُ صَاحِبِ الْبِنَايَةِ: إنَّ الْقَصْرَ أَفْضَلُ لَا يَخْلُو عَنْ نَظَرٍ. (١١) قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ لَهُ رُفْقَةٌ اشْتَرَكُوا مَعَهُ فِي الزَّادِ وَاخْتَارُوا الْفِطْرَ إلَخْ. أَيْ اخْتَارَ كُلُّهُمْ أَوْ عَامَّتُهُمْ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالظَّهِيرِيَّةِ لِأَنَّ ضَرَرَ الْمَالِ كَضَرَرِ الْبَدَنِ

(١٢) قَوْلُهُ: صَوْمُ يَوْمِ الشَّكِّ مَكْرُوهٌ إلَخْ. الشَّكُّ اسْتِوَاءُ طَرَفَيْ الْإِدْرَاكِ مِنْ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ، وَمُوجِبُهُ هُنَا أَحَدُ أَمْرَيْنِ: إمَّا أَنْ يَغُمَّ عَلَيْهِمْ هِلَالُ رَمَضَانَ أَوْ هِلَالُ شَعْبَانَ وَأَكْمَلْت عِدَّتَهُ وَلَمْ يَرَ هِلَالَ رَمَضَانَ لِأَنَّ الشَّهْرَ لَيْسَ الظَّاهِرُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ ثَلَاثِينَ بَلْ قَدْ يَكُونُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ كَمَا يَكُونُ ثَلَاثِينَ؛ تَسْتَوِي هَاتَانِ الْحَالَتَانِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ كَمَا يَقْتَضِيهِ الْحَدِيثُ الْمَعْرُوفُ فِي الشَّهْرِ فَاسْتَوَى الْحَالُ حِينَئِذٍ فِي الثَّلَاثِينَ أَنَّهُ مِنْ الْمُنْسَلِخِ أَوْ مِنْ الْمُسْتَهِلِّ إذَا كَانَ غِيمَ فَيَكُونُ مَشْكُوكًا بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُسْتَهِلَّ لَرُئِيَ عِنْدَ التَّرَائِي، فَلَمَّا لَمْ يُرَ كَانَ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُنْسَلِخَ ثَلَاثُونَ فَيَكُونُ هَذَا الْيَوْمُ مِنْهُ غَيْرَ مَشْكُوكٍ فِي ذَلِكَ. كَذَا ذَكَرُوا. وَلَكِنْ فِي الْبَدَائِعِ أَنَّ كَوْنَهُ ثَلَاثِينَ هُوَ الْأَصْلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>