للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَّا إذَا نَوَى تَطَوُّعًا ١٤ - أَوْ وَاجِبًا آخَرَ عَلَى الصَّحِيحِ،

ــ

[غمز عيون البصائر]

وَالنُّقْصَانُ عَارِضٌ وَلِهَذَا وَجَبَ عَلَى الْمَرِيضِ الَّذِي أَفْطَرَ رَمَضَانَ قَضَاءُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا إذَا لَمْ يَعْلَمْ صَوْمَ أَهْلِ بَلَدِهِ فَلَوْ كَانَ عَلَى السَّوَاءِ لَمْ يَلْزَمْ الزَّائِدُ بِالشَّكِّ لِأَنَّ ظُهُورَ كَوْنِهِ كَامِلًا إنَّمَا هُوَ عِنْدَ الصَّحْوِ أَمَّا عِنْدَ الْغَيْمِ فَلَا. قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْبَحْرِ: إلَّا أَنْ يُقَالَ الْأَصْلُ الصَّحْوُ وَالْغَيْمُ عَارِضٌ وَلَا عِبْرَةَ بِهِ قَبْلَ تَحَقُّقِهِ. وَهُمْ إنَّمَا ذَكَرُوا التَّسَاوِيَ عِنْدَ تَحَقُّقِ الْغَيْمِ (انْتَهَى) .

أَقُولُ دَعْوَى أَنَّ الْأَصْلَ الصَّحْوُ مُطْلَقًا مَمْنُوعَةٌ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ الزَّمَانُ صَيْفًا أَوْ رَبِيعًا فَالْأَصْلُ الصَّحْوُ وَالْغَيْمُ عَارِضٌ، وَإِنْ كَانَ شِتَاءً أَوْ خَرِيفًا فَالْأَصْلُ الْغَيْمُ وَالصَّحْوُ عَارِضٌ، خُصُوصًا فِي الْبِلَادِ الرُّومِيَّةِ وَمَا لَحِقَ بِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَقَوْلُهُ: مَكْرُوهٌ، يَعْنِي تَحْرِيمًا إنْ جَزَمَ بِكَوْنِهِ مِنْ رَمَضَانَ لِلتَّشْبِيهِ بِأَهْلِ الْكِتَابِ لِأَنَّهُمْ زَادُوا فِي صَوْمِهِمْ، وَعَلَيْهِ حُمِلَ حَدِيثُ النَّهْيِ عَنْ التَّقَدُّمِ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، وَإِنْ جُزِمَ بِكَوْنِهِ عَنْ وَاجِبٍ فَهُوَ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ الَّتِي مَرْجِعُهَا خِلَافُ الْأُولَى، لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ التَّقَدُّمِ خَاصٌّ بِصَوْمِ رَمَضَانَ لَكِنْ كُرِهَ لِصُورَةِ النَّهْيِ الْمَحْمُولِ عَلَى رَمَضَانَ، فَإِنْ ظَهَرَ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ أَجْزَأَهُ عَنْهُ لِمَا عُرِفَ أَنَّهُ كَانَ مُقِيمًا وَإِلَّا أَجْزَأَهُ عَنْ الَّذِي نَوَاهُ كَمَا لَوْ ظَهَرَ أَنَّهُ مِنْ شَعْبَانَ عَلَى الْأَصَحِّ. (١٣) قَوْلُهُ: إلَّا إذَا نَوَى تَطَوُّعًا إلَخْ. يَعْنِي فَلَا يَكُونُ مَكْرُوهًا اتِّفَاقًا إنَّمَا الْخِلَافُ فِي اسْتِحْبَابِهِ إنْ لَمْ يُوَافِقْ صَوْمَهُ. وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَتَلَوَّمَ وَلَا يَأْكُلَ وَلَا يَنْوِيَ الصَّوْمَ مَا لَمْ يَتَقَارَبْ انْتِصَافُ النَّهَارِ، فَإِنْ تَقَارَبَ وَلَمْ يَتَبَيَّنْ الْحَالُ اخْتَلَفُوا فِيهِ، فَقِيلَ: الْأَفْضَلُ صَوْمُهُ وَقِيلَ: فِطْرُهُ. وَعَامَّةُ الْمَشَايِخِ عَلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْقُضَاةِ وَالْمُفْتِينَ أَنْ يَصُومُوا تَطَوُّعًا وَيُفْتُوا بِذَلِكَ خَاصَّتَهُمْ وَيُفْتُوا الْعَامَّةَ بِالْإِفْطَارِ، وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ وَأَبُو النَّصْرِ يَقُولَانِ: الْفِطْرُ أَحْوَطُ لِأَنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا إثْمَ عَلَيْهِ، لَوْ أَفْطَرَ وَاخْتَلَفُوا فِي الصَّوْمِ قَالَ بَعْضُهُمْ: يُكْرَهُ وَيَأْثَمُ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ.

(١٤) قَوْلُهُ: أَوْ وَاجِبًا آخَرَ عَلَى الصَّحِيحِ. يَعْنِي فَلَا يَكُونُ مَكْرُوهًا قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَقْلًا عَنْ التَّهْذِيبِ: إنَّ صَوْمَ الشَّكِّ عَنْ وَاجِبٍ آخَرَ غَيْرِهِ مَكْرُوهٌ عَلَى الصَّحِيحِ وَمَا هُنَا مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي بَحْرِهِ، مِنْ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ تَنْزِيهًا، وَيُمْكِنُ أَنْ يُوَفَّقَ بِأَنَّ الْمَنْفِيَّ هُنَا كَرَاهَةُ التَّحْرِيمِ وَحِينَئِذٍ لَا مُخَالَفَةَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>