للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ فَيَكْفِيهِ دَمٌ وَاحِدٌ

٥ - لَا يُؤْكَلُ مِنْ الْهَدَايَا إلَّا ثَلَاثَةٌ: هَذَا هَدْيُ الْمُتْعَةِ وَالْقُرْآنِ وَالتَّطَوُّعِ.

ــ

[غمز عيون البصائر]

حَجَّةٌ وَعُمْرَةٌ وَشَمِلَ الْوَطْءَ الْحَلَالَ وَالْحَرَامَ وَوَطْءَ الْمُكَلَّفِ وَغَيْرَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُحِيطِ. وَصَرَّحَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ بِأَنَّ الصَّبِيَّ وَالْمَعْتُوهَ يَفْسُدُ حَجُّهُمَا بِالْجِمَاعِ لَكِنْ لَا دَمَ عَلَيْهِمَا. وَفِي مَنَاسِكِ ابْنِ الضِّيَاءِ وَإِذَا جَامَعَ الصَّبِيُّ حَتَّى فَسَدَ حَجُّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ (انْتَهَى) .

وَبِهَذَا يَظْهَرُ ضَعْفُ مَا فِي الْفَتْحِ مِنْ قَوْلِهِ لَوْ كَانَ الزَّوْجُ صَبِيًّا يُجَامِعُ مِثْلُهُ فَسَدَ حَجُّهَا دُونَهُ، وَلَوْ كَانَتْ هِيَ صَبِيَّةٌ أَوْ مَجْنُونَةٌ انْعَكَسَ الْحُكْمُ (انْتَهَى) .

فَإِنَّ هَذَا حُكْمٌ تَعَلَّقَ بِعَيْنِ الْجِمَاعِ وَبِالْعُذْرِ لَا يَنْعَدِمُ الْجِمَاعُ فَلَا يَنْعَدِمُ الْحُكْمُ الْمُتَعَلِّقُ بِهِ وَإِنَّمَا يَلْزَمُهَا حُكْمُ الْفَسَادِ لِمَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْمُفْسِدَ لِلصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْمُكَلَّفِ وَغَيْرِهِ فَكَذَلِكَ الْحَجُّ. (٤) قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ فَيَكْفِيهِ دَمٌ. يَعْنِي سَوَاءٌ كَانَ الْجِمَاعُ لِامْرَأَةٍ أَوْ نِسْوَةٍ أَمَّا إذَا تَعَدَّدَ الْمَجْلِسُ وَلَمْ يَقْصِدْ رَفْضَ الْحَجَّةِ الْفَاسِدَةِ لَزِمَهُ دَمٌ آخَرُ عِنْدَ الْإِمَامِ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ. وَلَوْ نَوَى بِالْجِمَاعِ الثَّانِي رَفْضَ الْحَجِّ الْفَاسِدِ لَا يَلْزَمُهُ بِالثَّانِي شَيْءٌ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ، مَعَ أَنَّ نِيَّةَ الرَّفْضِ بَاطِلَةٌ لِأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ عَنْهُ إلَّا بِالْأَعْمَالِ، لَكِنْ لَمَّا كَانَتْ الْمَحْظُورَاتُ مُسْتَنِدَةً إلَى قَصْدٍ وَاحِدٍ وَهُوَ تَعْجِيلُ الْإِحْلَالِ كَانَتْ مُتَّحِدَةً، فَكَفَّاهُ دَمٌ وَاحِدٌ وَلِهَذَا نَصَّ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا جَامَعَ النِّسَاءَ وَرَفَضَ إحْرَامَهُ وَأَقَامَ يَصْنَعُ مَا يَصْنَعُهُ فِي الْحَلَالِ مِنْ الْجِمَاعِ وَالطِّيبِ، وَقَتْلِ الصَّيْدِ عَلَيْهِ أَنْ يَعُودَ كَمَا كَانَ حَرَامًا وَيَلْزَمُهُ دَمٌ وَاحِدٌ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَبْسُوطِ

(٥) قَوْلُهُ: لَا يُؤْكَلُ مِنْ الْهَدَايَا إلَّا ثَلَاثَةٌ إلَخْ. يَعْنِي يَجُوزُ الْأَكْلُ مِنْهَا بَلْ يُسْتَحَبُّ لِلِاتِّبَاعِ الْفِعْلِيِّ الثَّابِتِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ عَلَى مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَحَرَ ثَلَاثَةً وَسِتِّينَ بَدَنَةً بِيَدِهِ وَنَحَرَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَا بَقِيَ، ثُمَّ أَمَرَ مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ بِبِضْعٍ فَجَعَلَهَا فِي قِدْرٍ فَطُبِخَتْ فَأَكَلَا مِنْ لَحْمِهَا وَشَرِبَا مِنْ مَرَقِهَا» . وَلِأَنَّهُ دَمُ نُسُكٍ فَيَجُوزُ مِنْهُ الْأَكْلُ كَالْأُضْحِيَّةِ. وَأَشَارَ بِكَلِمَةِ (مِنْ) إلَى أَنَّهُ يُؤْكَلُ الْبَعْضُ مِنْهُ. وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَفْعَلَ كَمَا فِي الْأُضْحِيَّةِ، وَهُوَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالثُّلُثِ وَيُطْعِمَ الْأَغْنِيَاءَ الثُّلُثَ وَيَأْكُلَ وَيَدَّخِرَ الثُّلُثَ. وَأَفَادَ بِقَوْلِهِ هَدْيُ التَّطَوُّعِ أَنَّهُ بَلَغَ الْحَرَمَ أَمَّا إذَا ذَبَحَهُ قَبْلَ بُلُوغِهِ فَلَيْسَ بِهَدْيٍ فَلَمْ يَدْخُلْ

<<  <  ج: ص:  >  >>