للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَهُ ذَلِكَ مُطْلَقًا

٣٧ - يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ الْحَاجِّ عَنْ الْغَيْرِ وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ

ــ

[غمز عيون البصائر]

اللَّهُ تَعَالَى لِحَدِيثِ الْخَثْعَمِيَّةِ. فَإِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَبَّهَهُ بِدَيْنِ الْعِبَادِ، وَفِيهِ لَوْ قَضَى الْوَارِثُ مِنْ غَيْرِ وَصِيَّةٍ تُجْزِيهِ فَكَذَا هَذَا. وَفِي التَّجْنِيسِ: رَجُلٌ أَوْصَى بِأَنْ يُحَجَّ عَنْهُ فَحَجَّ عَنْهُ ابْنُهُ لِيَرْجِعَ فِي التَّرِكَةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ، كَالدَّيْنِ إذَا قَضَاهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، وَلَوْ حَجَّ عَلَى أَنْ لَا يَرْجِعَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ عَنْ الْمَيِّتِ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ مَقْصُودُ الْمَيِّتِ وَهُوَ ثَوَابُ الْإِنْفَاقِ وَعَلَى هَذَا الزَّكَاةُ وَالْكَفَّارَةُ وَمِثْلُهُ لَوْ قَضَى عَنْهُ دَيْنَهُ مُتَطَوِّعًا جَازَ لِأَنَّ الْحَجَّ عَنْ الْكَبِيرِ الْعَاجِزِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لَا يَجُوزُ، وَقَضَاءُ الدَّيْنِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فِي حَالِ الْحَيَاةِ يَجُوزُ، فَكَذَا بَعْدَ الْمَوْتِ. رَجُلٌ مَاتَ وَعَلَيْهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ فَحَجَّ عَنْهُ رَجُلٌ بِإِذْنِهِ وَلَمْ يَنْوِ لَا فَرْضًا وَلَا نَفْلًا فَإِنَّهُ يَجُوزُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ، وَلَوْ نَوَى تَطَوُّعًا لَا يَجُوزُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ

(٣٦) قَوْلُهُ: فَلَهُ ذَلِكَ مُطْلَقًا إلَخْ. لَيْسَ هَذَا الْإِطْلَاقُ فِي مُقَابَلَةِ تَقْيِيدٍ سَابِقٍ وَلَا لَاحِقٍ وَقَوْلُهُ قَبْلَهُ وَلَوْ لِمَرَضٍ لَيْسَ تَقْيِيدًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ

(٣٧) قَوْلُهُ: يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ الْحَاجِّ عَنْ الْغَيْرِ وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ إلَخْ. أَقُولُ: الصَّوَابُ لَا يَصِحُّ لِقَوْلِهِ بَعْدُ وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ، لِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ الِاسْتِئْجَارُ لَكَانَ لَهُ الْمُسَمَّى؛ قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْبَحْرِ وَذَكَرَ الْإِسْبِيجَابِيُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى الْحَجِّ وَلَا عَلَى شَيْءٍ مِنْ الطَّاعَاتِ فَلَوْ اسْتَأْجَرَ عَلَى الْحَجِّ وَدَفَعَ إلَيْهِ الْأَجْرَ فَحَجَّ عَنْ الْمَيِّتِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ عَنْ الْمَيِّتِ يَعْنِي وَإِنْ لَمْ يَجُزْ الِاسْتِئْجَارُ، وَلَهُ مِنْ الْأَجْرِ مِقْدَارُ نَفَقَةِ الطَّرِيقِ فِي الذَّهَابِ وَالْمَجِيءِ وَيَرُدُّ الْفَضْلَ عَلَى الْوَرَثَةِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْفَضْلَ لِنَفْسِهِ إلَّا إذَا تَبَرَّعَ الْوَرَثَةُ وَهُمْ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ، أَوْ أَوْصَى الْمَيِّتُ بِأَنَّ الْفَضْلَ لِلْحَاجِّ عَلَى مَا هُوَ أَصَحُّ (انْتَهَى) .

وَفِي الْخَانِيَّةِ: إذَا اسْتَأْجَرَ الْمَحْبُوسُ رَجُلًا لِيَحُجَّ عَنْهُ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ فَحَجَّ جَازَتْ حَجَّةٌ عَنْ الْمَحْبُوسِ إذَا مَاتَ فِي الْحَبْسِ، وَلِلْأَجِيرِ أَجْرُ مِثْلِهِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ (انْتَهَى) .

فَهَذَا نَصٌّ عَلَى أَنَّهُ لَا صِحَّةَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ الْحَاجِّ. فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ فِي الْخَانِيَّةِ يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ الْحَاجِّ عَنْ الْغَيْرِ، وَإِنَّمَا قَالَ جَازَتْ الْحَجَّةُ إلَخْ. وَقَدْ أَشَارَ قَاضِي خَانْ إلَى عَدَمِ صِحَّةِ الْإِجَارَةِ بِقَوْلِهِ وَلِلْأَجِيرِ أَجْرُ مِثْلِهِ لِأَنَّهُ الْمُسْتَحَقُّ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ الصَّحِيحَةِ، فَإِنَّ الْمُسْتَحَقَّ هُوَ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ، فَلَوْ صَحَّتْ الْإِجَارَةُ لِلْحَجِّ لِحُكْمٍ لَهُ بِالْمُسَمَّى. قِيلَ: قَوْلُ قَاضِي خَانْ

<<  <  ج: ص:  >  >>