للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[غمز عيون البصائر]

جِنَايَاتِهِ كَجِنَايَاتِ الْمُكَاتَبِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِلْمُصَنِّفِ (انْتَهَى) .

قَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ: قَدْ صَدَرَتْ تِلْكَ الْعِبَارَاتُ وَهِيَ مُخَالِفَةٌ لِنَصِّ الْإِمَامِ، وَإِنْ وَرَدَ مِثْلُهَا مُسْنَدًا لِلْإِمَامِ فَقَدْ اخْتَلَفَ عَنْهُ النَّقْلُ وَلَمْ يُحَرِّرْهُ الْأَعْلَامُ.

وَالْمُقَرَّرُ أَنَّ الْخِلَافَ بَيْنَ الْإِمَامِ وَصَاحِبَيْهِ فِي تَجَزِّي الْإِعْتَاقِ وَعَدَمِهِ فِيمَنْ أُعْتِقَ بَعْضُهُ لَا فِيمَنْ أُعْتِقَ كُلُّهُ مُعَلَّقًا عَلَى شَرْطٍ فَوَجَدَهُ فِي مَرَضِهِ أَوْ صِحَّتِهِ وَسِعَايَتُهُ بَعْدَهُ سِعَايَةُ حُرٍّ مَدْيُونٍ، كَالْمُدَبَّرِ إذَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ.

وَقَوْلُهُ هُنَا وَفِي الْبَحْرِ: الْمُدَبَّرُ كَالْمُكَاتَبِ فِي زَمَنِ سِعَايَتِهِ، لَيْسَ التَّحْقِيقُ وَإِنْ وَرَدَ مَنْقُولًا عَنْ الْإِمَامِ كَمَا تَقَدَّمَ قَالَ فِي السِّرَاجِ: الْمُسْتَسْعِي عِنْدَ الْإِمَامِ عَلَى ضَرْبَيْنِ: كُلُّ مَنْ يَسْعَى فِي تَخْلِيصِ رَقَبَتِهِ فَهُوَ كَالْمُكَاتَبِ، وَكُلُّ مَنْ يَسْعَى فِي بَدَلِ رَقَبَتِهِ الَّذِي لَزِمَهُ بِالْعِتْقِ أَوْ فِي قِيمَةِ رَقَبَتِهِ لِأَجْلِ بَدَلِ شَرْطٍ عَلَيْهِ، أَوْ لِدَيْنٍ ثَبَتَ فِي رَقَبَتِهِ فَهُوَ كَالْحُرِّ (انْتَهَى) .

وَمِثْلُهُ فِي الْإِيضَاحِ وَالْمُصَفَّى وَشَرْحِ مَنْظُومَةِ النَّسَفِيِّ لِأَبِي الْبَرَكَاتِ: وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمُدَبَّرَ عَتَقَ كُلُّهُ بِمَوْتِ الْمَوْلَى فَهُوَ وَإِنْ سَعَى يَسْعَى وَهُوَ حُرٌّ، فَلَمْ يَكُنْ كَالْمُكَاتَبِ فَجُعِلَ الْمُدَبَّرُ حَالَ سِعَايَتِهِ كَالْمُكَاتَبِ فِي هَذَا الْكِتَابِ وَفِي الْبَحْرِ لَيْسَ مُحَرَّرًا، فَإِنَّ الْمُكَاتَبَ رَقِيقٌ حَالَ سِعَايَتِهِ، وَذَلِكَ بِنَصِّ الشَّارِعِ.

الْمُكَاتَبُ قِنٌّ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ وَالْمُدَبَّرُ حُرٌّ مِنْ الثُّلُثِ، وَلِهَذَا قَصَرَ التَّشْبِيهَ بِهِ عَلَى مُعْتَقِ الْبَعْضِ، الْإِمَامُ الْأَجَلُّ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيّ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ فَقَالَ: وَالْمُعْتَقُ بَعْضُهُ عِنْدَ الْإِمَامِ كَالْمُكَاتَبِ فِي حُدُودِهِ وَأَرْشِ جِنَايَتِهِ مِيرَاثِهِ وَشَهَادَتِهِ، وَذَكَرَ الدَّلِيلَ ثُمَّ قَالَ: وَالْمَعْنَى الْجَامِعُ بَيْنَهُمَا أَنَّ سِعَايَتَهُ لِأَجْلِ الْخَلَاصِ مِنْ رَقِّهِ (انْتَهَى) .

فَأَفَادَ بِمَفْهُومِهِ أَنَّ مَنْ سَعَى لِدَيْنٍ لَزِمَهُ لَا لِفَكِّ رَقَبَتِهِ لَيْسَ كَالْمُكَاتَبِ؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ مَدْيُونٌ كَالْمُدَبَّرِ فَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هُنَا وَفِي الْبَحْرِ: الْمُدَبَّرُ فِي زَمَنِ سِعَايَتِهِ كَالْمُكَاتَبِ عِنْدَ الْإِمَامِ لَيْسَ مُحَرَّرًا، لِأَنَّ الْمُدَبَّرَ حُرٌّ مَدْيُونٌ يَسْعَى لِوَفَاءِ دَيْنِهِ لَا لِفَكِّ رَقَبَتِهِ، فَمَا فَرَّعَهُ مِنْ قَوْلِهِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَلَا يُزَوِّجُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْإِمَامِ لَيْسَ مُسَلَّمًا إسْنَادُهُ، وَإِنْ وَقَعَ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ يُؤَوَّلُ لِمَا قَدَّمْنَا وَقَوْلُهُ فِي الْبَحْرِ كَمَا فِي الْمَجْمَعِ مِنْ الْجِنَايَاتِ وَنَصُّهُ: لَوْ تَرَكَ مُدَبَّرًا فَقُتِلَ خَطَأً أَوْ يَسْعَى لِلْوَارِثِ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ. (انْتَهَى) .

وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ هَذَا مُتَفَرِّعٌ عَلَى مَا قِيلَ: إنَّ الْمُسْتَسْعَى كَالْمُكَاتَبِ وَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَى عُمُومِهِ فَلَا يَتَنَاوَلُ الْمُدَبَّرَ، لِأَنَّ جِنَايَتَهُ حَالَ سِعَايَتِهِ جِنَايَةُ حُرٍّ فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَةِ مَوْلَاهُ لِنُزُولِ حُرِّيَّتِهِ بِمَوْتِ مَوْلَاهُ.

وَقَوْلُهُ فِي الْبَحْرِ هَكَذَا فِي الْكَافِي وَعَلَّلَهُ بِمَا قَدَّمْنَا يَعْنِي أَنَّ الْمُدَبَّرَ كَالْمُكَاتَبِ فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ مُجَرَّدَ تَشَبُّهِ الْمُدَبَّرِ بِالْمُكَاتَبِ يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ حَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>