لَا يَجُوزُ تَعْمِيمُ الْمُشْتَرَكِ إلَّا فِي الْيَمِينِ.
حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ مَوْلَاهُ وَلَهُ أَعْلَوْنَ وَأَسْفَلُونَ فَأَيُّهُمْ كَلَّمَ حَنِثَ، كَمَا فِي الْمَبْسُوطِ
ــ
[غمز عيون البصائر]
الْيَمِينُ بِاَللَّهِ أَوْ بِغَيْرِهِ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ، لِأَنَّ الْفِعْلَ بِمَنْزِلَةِ النَّكِرَةِ وَالنَّكِرَةُ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ تَعُمُّ.
فَكَذَلِكَ مَا بِمَنْزِلَتِهَا فَيَعُمُّ اللَّغْوُ الطَّلَاقَ وَغَيْرَهُ، وَالْجَوَابُ أَنَّ الْآيَةَ مَسُوقَةٌ لِبَيَانِ حُكْمِ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ لَغْوٌ أَوْ مُنْعَقِدَةٌ؛ لِأَنَّ الْمَشْرُوعَ هُوَ الْحَلِفُ بِاَللَّهِ بِاسْمِهِ تَعَالَى أَوْ بِصِفَتِهِ بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ} [المائدة: ٨٩] فَكَفَّارَتُهُ إلَخْ.
فَهَذِهِ الْمُؤَاخَذَةُ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْيَمِينُ بِطَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ فَلَيْسَ فِي الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ الْمُؤَاخَذَةِ فِيهَا فَلَا لَغْوَ فِيهَا.
وَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ اسْتِثْنَاءُ صَاحِبِ الْخُلَاصَةِ لَهُمَا فَإِنَّهُ مُنْقَطِعٌ، لِأَنَّهُ مِنْ غَيْرِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ: أَنَّ اللَّغْوَ لَا يَكُونُ إلَّا فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ اللَّغْوَ وَقَعَ فِي الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ.
وَبَقِيَ قَوْلُهُ: (وَاَللَّهِ) فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ.
وَأَمَّا اللَّغْوُ فِي الْيَمِينِ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا إذَا قَالَ: إنْ رَأَيْته فَعَبْدِي حُرٌّ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ لَمْ يَرَهُ وَقَعَ فِي الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَيَبْقَى قَوْلُهُ: عَبْدِي حُرٌّ، فَيَلْزَمُهُ عِتْقُ عَبْدِهِ.
قِيلَ: وَيُجَابُ عَلَى تَقْدِيرِ شُمُولِ النَّصِّ لِلطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ بِأَنَّ ذَلِكَ أَخَصُّ مِنْ الْعَامِّ.
أَمَّا بِالْمَعْنَى وَهُوَ كَوْنُ ذَلِكَ مِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ الْمَبْنِيِّ عَلَى الْمُشَاحَحَةِ بِخِلَافِ الْيَمِينِ.
وَقَدْ قَالُوا: يَجُوزُ أَنْ يُسْتَنْبَطَ مِنْ النَّصِّ مَعْنًى يُخَصِّصُهُ أَوْ بِمَا وَرَدَ مِنْ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «ثَلَاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ: النِّكَاحُ، وَالطَّلَاقُ وَالرَّجْعَةُ.» . أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ. وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ عَلِيٍّ وَعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَرْبَعٌ وَزَادَ النَّذْرَ كَذَا فِي الْفَتْحِ، وَهَذَا يُفِيدُ إخْرَاجَ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ مِنْ الْعُمُومِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ ذَلِكَ وَاقِعًا مَوْقِعَ اللَّعِبِ وَعَدَمِ الْقَصْدِ فَمَعَ الْقَصْدِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ اللَّغْوَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى أَمْرٍ وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ كَمَا قَالَ وَالْأَمْرُ بِخِلَافِهِ فَهُوَ قَاصِدٌ لِلْحَلِفِ غَيْرَ هَازِلٍ بِهِ كَمَا لَا يَخْفَى
(٤) قَوْلُهُ:
لَا يَجُوزُ تَعْمِيمُ الْمُشْتَرَكِ إلَّا فِي الْيَمِينِ إلَخْ.
قِيلَ عَلَيْهِ: عَلَى هَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهَا أَيَّامَ قُرْئِهَا لَا يُكَلِّمُهَا أَبَدًا لِشُمُولِهِ لِلطُّهْرِ وَالْحَيْضِ (انْتَهَى) .
قِيلَ عَلَيْهِ: إنَّهُ إنَّمَا يَعُمُّ الْمُشْتَرَكَ، يَعْنِي فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لِوُقُوعِهِ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ لَا لِخُصُوصِ الْيَمِينِ.
وَقَدْ صَرَّحَ جَمَاعَةٌ بِعُمُومِهِ فِي النَّفْيِ؛ لِأَنَّ مَعْنَى النَّفْيِ لَا يَتَحَقَّقُ بِدُونِ التَّعْمِيمِ وَهُوَ