وَبَعْدُ تَطْلُقُ
٤١ - النِّيَّةُ إنَّمَا تَعْمَلُ فِي الْمَلْفُوظِ ٤٢ -
وَهِيَ مَسْأَلَةُ إنْ أَكَلْت وَنَوَى طَعَامًا دُونَ طَعَامٍ،
ــ
[غمز عيون البصائر]
وَتَأْخِيرِهِ، فَتَقُولُ إذَا قُدِّمَ الْجَزَاءُ وَأُخِّرَ التَّعْلِيقُ انْتَسَخَتْ الْإِضَافَةُ وَبَطَلَتْ الْقَبْلِيَّةُ فَيَبْقَى مُجَرَّدُ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إذَا تَزَوَّجْتُك وَإِذَا قُدِّمَ التَّعْلِيقُ نَسَخَتْهُ الْإِضَافَةُ فَيَبْقَى مُجَرَّدُ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ أَنْ أَتَزَوَّجَك فَلَا يَقَعُ، وَشَاهِدُ اعْتِبَارِ تَرْجِيحِ الْمُتَأَخِّرِ أَنْتِ طَالِقٌ غَدًا إنْ دَخَلَتْ الدَّارَ يَبْطُلُ ذِكْرُ الْغَدِ، وَيَتَعَلَّقُ الطَّلَاقُ بِالدُّخُولِ حَتَّى لَوْ دَخَلَتْ الْيَوْمَ وَقَعَ، فَقَدْ اجْتَمَعَ الْإِضَافَةُ وَالتَّعْلِيقُ وَبَطَلَتْ الْإِضَافَةُ لِلتَّقَدُّمِ كَمَا تَرَى.
(٤٠) قَوْلُهُ: وَبَعْدَهُ تَطْلُقُ. قِيلَ عَلَيْهِ: إنَّ لَفْظَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ ذَلِكَ إشَارَةً إلَى التَّزَوُّجِ ظَاهِرًا وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ وُقُوعِ الطَّلَاقِ فِي الْفَصْلَيْنِ؛ لِأَنَّهَا قَبْلَ التَّزَوُّجِ أَجْنَبِيَّةٌ فَمَا وَجْهُ التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ (انْتَهَى) .
أَقُولُ وَجْهُ التَّفْصِيلِ عُلِمَ مِمَّا قَدَّمْنَا وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ شَهْرٍ لَا تَطْلُقُ لِانْعِدَامِ الْوَقْتِ الْمُضَافِ إلَيْهِ، وَلَوْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ شَهْرٍ تَطْلُقُ؛ لِأَنَّهُ إيقَاعٌ وَقْتَ التَّزَوُّجِ؛ لِأَنَّهُ مَذْكُورٌ بِكَلِمَةِ إذَا وَهِيَ لِلْوَقْتِ فَيَتَعَلَّقُ بِوَقْتِ التَّزَوُّجِ وَيَقَعُ عَقِبَهُ وَيَلْغُو قَوْلُهُ قَبْلَ أَنْ أَتَزَوَّجَك؛ لِأَنَّهُ مُسْتَحِيلٌ
(٤١) قَوْلُهُ: النِّيَّةُ إنَّمَا تَعْمَلُ فِي الْمَلْفُوظِ أَيْ لَا فِي غَيْرِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ النِّيَّةَ يُقْصَدُ بِهَا التَّمْيِيزُ، وَإِنَّمَا يَتَأَتَّى فِي لَفْظٍ مُحْتَمِلٍ كَعَامٍّ يَحْتَمِلُ التَّخْصِيصَ أَوْ مُجْمَلٍ يَحْتَاجُ إلَى الْبَيَانِ أَوْ مُشْتَرَكٍ يُعَيِّنُ بَعْضَ أَفْرَادِهِ، أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ اللَّفْظُ مُحْتَمِلًا يَبْقَى مُجَرَّدُ النِّيَّةِ لَا تَأْثِيرَ لَهَا فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا، وَلِهَذَا لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ، ثُمَّ اللَّفْظُ الَّذِي يَحْتَمِلُ شَيْئَيْنِ أَوْ أَشْيَاءَ إنْ احْتَمَلَهُمَا عَلَى السَّوَاءِ فَنَوَى أَحَدَهُمَا فَإِنَّهُ يَصْدُقُ دِيَانَةً وَقَضَاءً؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ لَا يُكَذِّبُهُ وَإِنْ احْتَمَلَ أَحَدَهَا احْتِمَالًا مَرْجُوحًا فَنَوَى ذَلِكَ الْمَرْجُوحَ يُنْظَرُ إنْ كَانَ فِيهِ تَغْلِيظٌ عَلَى نَفْسِهِ يَصْدُقُ أَيْضًا دِيَانَةً وَقَضَاءً؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَّهَمٍ فِي ذَلِكَ، لَكِنَّهُ لَا يَصْدُقُ قَضَاءً؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ مَبْنِيٌّ عَلَى الظَّاهِرِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا نَوَى وَإِنْ نَوَى مَا لَا يَحْتَمِلُهُ لَفْظُهُ لَا يَصْدُقُ دِيَانَةً وَلَا قَضَاءً؛ لِأَنَّهُ يَخْلُو عَنْ اللَّفْظِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ النِّيَّةَ لَا حُكْمَ لَهَا عَلَى الِانْفِرَادِ.
(٤٢) قَوْلُهُ: وَهِيَ مَسْأَلَةُ إنْ أَكَلْت وَنَوَى طَعَامًا دُونَ طَعَامٍ يَعْنِي إذَا ذَكَرَ فِعْلًا وَلَمْ يَذْكُرْ مَعَهُ الْمَفْعُولَ وَنَوَى شَيْئًا دُونَ شَيْءٍ بِأَنْ نَوَى طَعَامًا مُعَيَّنًا لَا يَصْدُقُ دِيَانَةً وَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute