وَفِيمَا إذَا حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ، وَنَوَى حَبَشِيَّةً أَوْ عَرَبِيَّةً
٤٥ - الْمُعَرَّفُ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْمُنَكَّرِ. قَالَ إنْ دَخَلَ دَارِي هَذِهِ أَحَدٌ أَوْ كَلَّمَ غُلَامِي هَذَا أَوْ ابْنِي هَذَا أَوْ أَضَافَ إلَى غَيْرِهِ،
ــ
[غمز عيون البصائر]
عَنْ الْقُضَاةِ أَنَّهُمْ قَالُوا هَذَا فِيمَا إذَا قَالَ إنْ خَرَجْت خُرُوجًا. قَالُوا وَنَصَّ فِي بَعْضِ النُّسَخِ الْقَدِيمَةِ عَلَى هَذَا. وَالْفَرْقُ عَلَى الظَّاهِرِ هُوَ أَنَّ الْخُرُوجَ مُتَنَوِّعٌ فِي نَفْسِهِ لُغَةً؛ لِأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ الِانْفِصَالِ مِنْ مَكَانِهِ الَّذِي هُوَ فِيهِ إلَى مَكَانِ قَصْدِهِ، وَذَلِكَ الْمَكَانُ تَارَةً يَكُونُ قَرِيبًا وَتَارَةً يَكُونُ بَعِيدًا، وَلِهَذَا يُقَالُ سَافَرَ فُلَانٌ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْخُرُوجِ، فَيَجْعَلُونَ الْخُرُوجَ عَيْنَ السَّفَرِ، فَإِذَا نَوَى أَحَدَ نَوْعَيْ الْخُرُوجِ فَقَدْ نَوَى مُحْتَمَلَ كَلَامِهِ فَيَصْدُقُ دِيَانَةً بِخِلَافِ فِعْلِ الِاغْتِسَالِ فَإِنَّهُ مُتَنَوِّعٌ شَرْعًا لَا لُغَةً؛ لِأَنَّهُ فِي نَفْسِهِ غَيْرُ مُخْتَلِفٍ إذْ هُوَ وَاقِعٌ فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ وَهُوَ إسَالَةُ الْمَاءِ عَلَى الْبَدَنِ وَإِنَّمَا الْمُغْتَسِلُ مِنْهُ هُوَ الْمُتَنَوِّعُ وَهُوَ لَيْسَ بِمَذْكُورٍ لَفْظًا فَإِذَا نَوَى نَوْعًا مِنْ أَنْوَاعِ الْمُغْتَسَلِ مِنْهُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْمَنْوِيُّ عَيْنَ الْفِعْلِ فَلَا يَصِيرُ نَوْعًا لَهُ فَلَا تَصِحُّ نِيَّتُهُ فِيهِ، فَوَضَحَ الْفَرْقُ. قِيلَ قَيَّدَ بِنِيَّةِ السَّفَرِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ نَوَى مَكَانًا بِعَيْنِهِ فِي قَوْلِهِ إنْ خَرَجْت، لَا تَصِحُّ نِيَّتُهُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَذْكُورٍ، وَلَا هُوَ نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ الْخُرُوجِ.
(٤٤) قَوْلُهُ: وَفِيمَا إذَا حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ وَنَوَى حَبَشِيَّةً أَوْ عَرَبِيَّةً. رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ فِي رَجُلٍ قَالَ: إنْ تَزَوَّجْت وَنَوَى حَبَشِيَّةً أَوْ عَرَبِيَّةً فَإِنَّهُ دِينٌ وَلَوْ نَوَى كُوفِيَّةً أَوْ بَصْرِيَّةً لَا يَصْدُقُ دِيَانَةً وَلَا قَضَاءَ. وَالْفَرْقُ أَنَّ الْيَمِينَ هَهُنَا لِلْمَنْعِ وَمَنْعُ الْإِنْسَانِ نَفْسَهُ عَنْهَا بِالْيَمِينِ لَا يَلِيقُ عَادَةً؛ لِأَنَّ الْمَدَنِيَّةَ جَامِعَةٌ لِسَائِرِ الْأَنْوَاعِ غَالِبًا وَالْإِنْسَانُ لَا يَمْنَعُ نَفْسَهُ مِنْ سَائِرِ الْأَنْوَاعِ فِي الْعَادَةِ. كَذَا فِي شَرْحِ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْفَخْرِ عُثْمَانَ الْمَارْدِينِيِّ
(٤٥) قَوْلُهُ: الْمُعَرَّفُ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْمُنَكَّرِ. أَطْلَقَ فِي مَوْضِعِ التَّقْيِيدِ وَفِيهِ مَا فِيهِ وَبَيَانُهُ أَنَّ الْمُعَرَّفَ الَّذِي لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْمُنَكَّرِ هُوَ الْمُعَرَّفُ بِالتَّعْرِيفِ الْكَامِلِ لِمَا بَيْنَ الْمَعْلُومِ وَالْمَجْهُولِ مِنْ التَّضَادِّ، وَأَمَّا الْمُعَرَّفُ تَعْرِيفًا نَاقِصًا فَيَدْخُلُ تَحْتَ الْمُنَكَّرِ لِبَقَاءِ التَّنْكِيرِ مِنْ وَجْهٍ فَجَانَسَ الْمُنَكَّرَ مِنْ ذَلِكَ الْوَجْهِ.
وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - دُخُولُ الْمُعَرَّفِ مُطْلَقًا وَلَيْسَ كَذَا، فَيَحْتَاجُ إلَى الْفَصْلِ بَيْنَ التَّعْرِيفِ الْكَامِلِ وَالنَّاقِصِ، فَالْكَامِلُ هُوَ الَّذِي يَنْقَطِعُ بِهِ الِاشْتِرَاكُ بَيْنَ الْمُعَرَّفِ وَغَيْرِهِ، وَآيَةُ ذَلِكَ أَنْ يُقَبِّحَ مَعَهُ ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute