للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُعَلَّقُ بِشَرْطَيْنِ يَنْزِلُ عِنْدَ آخِرِهِمَا. ٥٦ - وَبِأَحَدِهِمَا عِنْدَ الْأَوَّلِ، ٥٧ - وَالْمُضَافُ بِالْعَكْسِ

ــ

[غمز عيون البصائر]

جَعْلُ الْأَوَّلِ مَعَ الْجَزَاءِ جَزَاءً لِلْأَوَّلِ لِعَدَمِ الْفَاءِ فَيُقَدَّمُ الْمُؤَخَّرُ ضَرُورَةً فَيَصِيرُ الْكَلَامُ شَرْطًا لِانْعِقَادِ يَمِينِ التَّزَوُّجِ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَى الَّتِي تَزَوَّجَهَا بَعْدَ الْكَلَامِ لَا قَبْلَهُ، وَلَوْ نَوَى تَقْدِيرَ الْفَاءِ لَصِيرَ يَمِينُ التَّزَوُّجِ شَرْطَ الِانْعِقَادِ وَلَا يَصْدُقُ فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْأَظْهَرِ؛ لِأَنَّهُ نَوَى خِلَافَ الظَّاهِرِ. أَصْلُهُ قَوْله تَعَالَى

{وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ} [هود: ٣٤] الْآيَةَ. مَعْنَاهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ إنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ لَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي، إنْ أَرَدْت أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ؛ لِأَنَّ النُّصْحَ إنَّمَا لَمْ يَنْفَعْ لِتَقَدُّمِ إرَادَةِ الْإِغْوَاءِ، وَمِثْلُهُ قَوْله تَعَالَى {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ} [الأحزاب: ٥٠] الْآيَةَ. مَعْنَاهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، إنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا إنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا؛ لِأَنَّ إرَادَةَ النِّكَاحِ سَابِقَةٌ عَلَى الْهِبَةِ فَلِذَلِكَ جُعِلَ الْأَوَّلُ هُوَ الْجَزَاءَ وَالْيَمِينُ التَّامُّ وَهُوَ الشَّرْطُ، وَالْجَزَاءُ يَصْلُحُ جَزَاءً كَمَا يَصْلُحُ الْجَزَاءُ الْمُجَرَّدُ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ وَالْمَنْعَ يَحْصُلُ بِخَوْفِ لُزُومِ الْيَمِينِ التَّامِّ كَمَا يَحْصُلُ بِخَوْفِ الْجَزَاءِ

(٥٥) قَوْلُهُ: الْمُعَلَّقُ بِشَرْطَيْنِ يَنْزِلُ عِنْدَ آخِرِهِمَا. مِثَالُ الْمُعَلَّقِ بِشَرْطَيْنِ لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إذَا جَاءَ زَيْدٌ وَعُمَرُ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ عِنْدَ آخِرِهِمَا.

(٥٦) قَوْلُهُ: وَبِأَحَدِهِمَا عِنْدَ الْأَوَّلِ أَيْ يَنْزِلُ عِنْدَ الْأُولَى كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إذَا جَاءَ زَيْدٌ وَعُمَرُ وَيَقَعُ عِنْدَ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ نَزَلَ عِنْدَ آخِرِهِمَا لَكَانَ مُعَلَّقًا بِهِمَا.

(٥٧) قَوْلُهُ: وَالْمُضَافُ بِالْعَكْسِ أَيْ وَالْمُضَافُ إلَى وَقْتَيْنِ يَنْزِلُ عِنْدَ أَوَّلِهِمَا كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ غَدًا وَبَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَهُمَا ظَرْفًا لِلْوَاقِعِ، وَلَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ إلَّا بِالْوُقُوعِ عِنْدَ أَوَّلِهِمَا فَإِنَّهُ يَصِيرُ ظَرْفًا، ثُمَّ يَلْزَمُ مِنْهُ كَوْنُ الثَّانِي ظَرْفًا أَيْضًا لِذَلِكَ الْوَاقِعِ، فَلَوْ نَزَلَ عِنْدَ آخِرِهِمَا لَكَانَ الظَّرْفُ الْأَخِيرَ، وَيَخْرُجُ الْأَوَّلُ عَنْ الظَّرْفِيَّةِ وَهُوَ جَعْلُهُمَا ظَرْفًا لِيَكُونَ مَوْصُوفُهُ بِتِلْكَ الصِّفَةِ فِي الْوَقْتَيْنِ، وَإِذَا أَضَافَ إلَى أَحَدِهِمَا يَنْزِلُ عِنْدَ آخِرِهِمَا كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ غَدًا أَوْ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ نَزَلَ عِنْدَ أَوَّلِهِمَا لَكَانَ كِلَاهُمَا ظَرْفًا وَهُوَ لَمْ يَقْصِدْ

<<  <  ج: ص:  >  >>