للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ ضَرَبْته أَوْ جَرَحْته أَوْ قَتَلْته وَرَمَيْته؛ كَوْنُ الْمَحَلِّ فِيهِ

٥٤ - الشَّرْطُ مَتَى اعْتَرَضَ عَلَى الشَّرْطِ، يُقَدَّمُ الْمُؤَخَّرُ

ــ

[غمز عيون البصائر]

وَالْجَامِعُ عَدَمُ الْأَثَرِ بِالْمَحَلِّ. وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ يَظْهَرُ مَا فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَشَرْطُ حِنْثِهِ كَوْنُ الْفَاعِلِ فِيهِ مِنْ التَّسَاهُلِ فَإِنَّ شَرْطَ الْحِنْثِ الشَّتْمُ وَالرَّمْيُ وَكَوْنُ الْفَاعِلِ فِيهِ تَمَامُ الشَّرْطِ.

(٥٣) قَوْلُهُ: وَإِنْ ضَرَبْته أَوْ جَرَحْته أَوْ قَتَلْته أَوْ رَمَيْته كَوْنُ الْمَحَلِّ فِيهِ. أَيْ شَرْطُ حِنْثِهِ كَوْنُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ وَالْحَالِفُ خَارِجَهُ، لَوْ كَانَ بِالْعَكْسِ لَا يَحْنَثُ لِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ هَذِهِ الْأَفَاعِيلَ لَا تَتِمُّ إلَّا بِالْمَفْعُولِ وَأَنَّهُ هُوَ الْقَائِمُ بِالْأَثَرِ الَّذِي هُوَ الْمَقْصُودُ، وَالثَّانِي أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْيَمِينِ تَنْزِيهُ الْمَسْجِدِ مِنْ التَّلْوِيثِ وَهَذَا يَتَحَقَّقُ بِالْمَفْعُولِ وَلِهَذَا يُقَالُ: مَنْ ذَبَحَ شَاةً فِي الْمَسْجِدِ، وَهُوَ خَارِجٌ عَنْهُ، لَا تُذْبَحْ فِي الْمَسْجِدِ وَجَعَلَ الطَّحَاوِيُّ قَوْلَهُ رَمَيْته بِمَنْزِلَةِ شَتَمْته وَقَالَ لِأَنَّ الرَّمْيَ يَتِمُّ بِهِ وَلَا أَثَرَ لَهُ فِي الْمَحَلِّ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ رَمَاهُ فَأَخْطَأَ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ ضَرَبَهُ فَأَخْطَأَهُ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ نَظِيرُ الْقَتْلِ وَالضَّرْبِ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ مَفْعُولَ فِعْلِهِ بِذَكَرِ ضَمِيرِهِ، وَلَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ إلَّا بِالْإِصَابَةِ وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ فَإِنَّهُ يَسْتَقِيمُ فِي رَمَيْت إلَيْهِ، أَمَّا رَمَيْته فَلَمْ أُصِبْهُ فَخَطَأٌ. وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ النَّاشِئِ عَنْ كَمَالِ التَّحْرِيرِ سَقَطَ مَا قِيلَ.

قَدْ يُقَالُ قَوْلُهُ فِي الْمَسْجِدِ ظَرْفٌ لِلْفِعْلِ فِي الْفَصْلَيْنِ مَعًا وَالْفِعْلُ مُتَعَدٍّ إلَى مَفْعُولٍ فِيهِمَا مَعًا فَمَا وَجْهُ اشْتِرَاطِ كَوْنِ الْفَاعِلِ فِي الْمَسْجِدِ فِي الْأَوَّلِ وَاشْتِرَاطِ كَوْنِ الْمَفْعُولِ فِيهِ فِي الثَّانِي؟ وَهَلْ هَذَا إلَّا تَحَكُّمٌ، نَعَمْ إذَا اُعْتُبِرَ قَصْدًا لِمُتَكَلِّمٍ وَجُعِلَ الْحُكْمُ بِاعْتِبَارِ قَصْدِهِ لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ وَجِيهٌ وَلَعَلَّهُ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَطْلَقَ فِي مَحَلِّ التَّقْيِيدِ

(٥٤) قَوْلُهُ: الشَّرْطُ مَتَى اعْتَرَضَ عَلَى الشَّرْطِ يُقَدَّمُ الْمُؤَخَّرُ يَعْنِي: الشَّرْطُ مَتَى اُعْتُرِضَ بِغَيْرِ حَرْفِ الْعَطْفِ وَالْجَزَاءِ يُقَدَّمُ الْمُؤَخَّرُ؛ لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ جَعْلُهُمَا شَرْطًا لِانْعِدَامِ حَرْفِ الْعَطْفِ وَتَعَذَّرَ جَعْلُ الثَّانِي مَعَ الْجَزَاءِ جَزَاءَ الْأَوَّلِ لِانْعِدَامِ حَرْفِ الْجَزَاءِ فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ الْمَذْكُورُ أَوَّلًا هُوَ الْجَزَاءُ؛ لِأَنَّ الْجَزَاءَ مَتَى قُدِّمَ عَلَى الشَّرْطِ لَا يَحْتَاجُ إلَى الرَّابِطِ فَقُدِّمَ الْمُؤَخَّرُ لِذَلِكَ، كَمَا لَوْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَهِيَ طَالِقٌ فَيُقَدَّمُ الْمُؤَخَّرَ لِمَا قُلْنَا فِي تَقْرِيرِ الْأَصْلِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ جَعْلُ الشَّرْطَيْنِ وَاحِدًا لِعَدَمِ الْعَطْفِ وَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>