للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَصْفُ الشَّرْطِ كَالشَّرْطِ. ٦٠ - الْخَبَرُ لِلصِّدْقِ وَغَيْرِهِ. ٦١ - إلَّا أَنْ يَصِلَهُ بِالْبَاءِ.

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلَةُ: وَصْفُ الشَّرْطِ كَالشَّرْطِ يَعْنِي أَنَّ وَصْفَ الشَّرْطِ يُرَاعَى كَمَا يُرَاعَى أَصْلُهُ، وَلِهَذَا لَوْ قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ رَاكِبَةً فَأَنْتِ طَالِقٌ فَدَخَلَتْ الدَّارَ غَيْرَ رَاكِبَةٍ لَا تَطْلُقْ.

(٦٠) قَوْلُهُ: الْخَبَرُ لِلصِّدْقِ وَغَيْرِهِ: الْخَبَرُ بِمَعْنَى الْعِلْمِ لُغَةً. فِي الصِّحَاحِ يُقَالُ: مِنْ أَيْنَ أُخْبِرْت هَذَا الْأَمْرَ، أَيْ مِنْ أَيْنَ عَلِمْته، وَالِاسْمُ الْخُبْرُ بِالضَّمِّ وَهُوَ الْعِلْمُ بِالشَّيْءِ، فَمُقْتَضَى مَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ أَنْ يَقَعَ عَلَى الصِّدْقِ خَاصَّةً لِيَحْصُلَ بِهِ مَعْنَاهُ وَهُوَ الْعِلْمُ إلَّا أَنَّهُ كَثُرَ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْعُرْفِ لِلْكَلَامِ الدَّالِّ عَلَى وُجُودِ الْمُخْبَرِ بِهِ صَادِقًا كَانَ أَوْ كَاذِبًا، وَلِهَذَا يُقَالُ أَخْبَرَنِي فُلَانٌ كَاذِبًا وَالْحَقِيقَةُ الْعُرْفِيَّةُ عَلَى اللُّغَوِيَّةِ وَتَأَيَّدَ هَذَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات: ٦] الْآيَةَ. فَلَوْ لَمْ يَقَعْ عَلَى الْكَذِبِ كَمَا يَقَعُ عَلَى الصِّدْقِ لَمَا أَمَرَ بِالتَّبَيُّنِ إذْ لَوْ كَانَ لِلصِّدْقِ خَاصَّةً لَمْ يَكُنْ لِلتَّبْيِينِ مَعْنًى وَالنَّبَأُ وَالْخَبَرُ وَاحِدٌ.

(٦١) قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَصِلَهُ بِالْبَاءِ. أَيْ الْخَبَرَ. كَأَنْ يَقُولَ: إنْ أَخْبَرْتنِي بِقُدُومِ فُلَانٍ فَعَبْدِي حُرٌّ، فَأَخْبَرَهُ يُشْتَرَطُ لِلْحِنْثِ صِدْقُهُ عَلِمَ الْمُخَبِّرُ أَمْ لَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: عَبْدُهُ حُرٌّ إنْ أَخْبَرْتنِي أَنَّ فُلَانًا قَدِمَ، فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ عَتَقَ الْعَبْدُ صَادِقًا كَانَ الْمُخْبِرُ أَوْ كَاذِبًا؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ الْعِتْقَ بِالْإِخْبَارِ وَقَدْ وُجِدَ وَالْفَرْقُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ عَلَّقَ الْعِتْقَ هُنَاكَ بِخَبَرٍ مَوْصُوفٍ بِصِفَةٍ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مُلْصَقًا بِقُدُومِهِ فَاقْتَضَى ذَلِكَ وُجُودَ الْقُدُومِ لَا مَحَالَةَ لِيَتَحَقَّقَ الْإِلْصَاقُ، وَهُنَا اُشْتُرِطَ لِحِنْثِ الْخَبَرِ عَنْ قُدُومِهِ مُطْلَقًا وَقَدْ وُجِدَ، وَالثَّانِي أَنَّ كَوْنَ الْخَبَرِ يَقَعُ عَنْ الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ لِمَعْنَى الْقَوْلِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ إنْ قُلْت لِي إنَّ فُلَانًا قَدِمَ فَعَبْدِي حُرٌّ، وَالْقَوْلُ يَكُونُ صِدْقًا وَكَذِبًا فَانْتَظَمَهَا الْيَمِينُ فَكَذَا الْخَبَرُ الَّذِي هُوَ بِمَعْنَاهُ.

أَمَّا الْمَوْصُولُ بِالْبَاءِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ فِي مَعْنَى الْقَوْلِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ تَقُولَ: إنْ قُلْت بِقُدُومِ فُلَانٍ فَلَمْ يَكُنْ كَالْإِخْبَارِ السَّاذَجِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>