. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[غمز عيون البصائر]
الِاسْمَ ثُمَّ هَذَا الْفَرْدُ إذَا وُصِفَ بِصِفَةٍ لَمْ تُفِدْ غَيْرَهَا إفَادَةَ الْفَرْدِ الْمَوْصُوفِ لَا تُعْتَبَرُ تِلْكَ الصِّفَةُ وَلَا يَتَغَيَّرُ بِهِ صَدْرُ الْكَلَامِ، وَإِنْ أَفَادَتْ غَيْرَ مَا أَفَادَهُ الْفَرْدُ الْمَوْصُوفُ اُعْتُبِرَتْ وَتَغَيَّرَ بِهَا صَدْرُ الْكَلَامِ، كَمَا إذَا قَالَ: رَأَيْت أَسَدًا يَزْأَرُ وَيَفْتَرِسُ، لَا يَتَغَيَّرُ بِهِ صَدْرُ الْكَلَامِ وَلَوْ قَالَ يَرْمِي يَتَغَيَّرُ بِهِ صَدْرُ الْكَلَامِ، إذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَمِنْ فُرُوعِ هَذَا الْأَصْلِ لَوْ قَالَ: أَوَّلُ عَبْدٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ، فَمَلَكَ عَبْدًا وَنِصْفَ عَبْدٍ جُمْلَةً عَتَقَ الْعَبْدُ.
وَلَوْ قَالَ: أَوَّلُ كُرٍّ أَمْلِكُهُ فَهُوَ صَدَقَةٌ فَمَلَكَ كُرًّا وَنِصْفَ كُرٍّ جُمْلَةً لَا يَلْزَمُهُ التَّصَدُّقُ بِشَيْءٍ وَالْفَرْقُ أَنَّ نِصْفَ الْعَبْدِ الزَّائِدِ لَا يُخْرِجُ الْعَبْدَ عَنْ الْفَرْدِيَّةِ وَالْأَوَّلِيَّةِ، فَلَمْ يَكُنْ مِنْ إجْمَالِهِ فَتَحَقَّقَ شَرْطُ الْحِنْثِ وَذَلِكَ لِأَنَّ النِّصْفَ لَا يَقْبَلُ الِانْضِمَامَ إلَى الْعَبْدِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْعَبْدَ مِمَّا لَا يَتَبَعَّضُ، فَإِنَّك إذَا أَخَذْت هَذَا النِّصْفَ فَضَمَمْته إلَى أَيِّ نِصْفٍ شِئْت مِنْ نِصْفَيْ الْعَبْدِ لَا يُسَمَّى بِهِ عَبْدًا كَامِلًا فَصَارَ انْضِمَامُ النِّصْفِ إلَيْهِ كَانْضِمَامِ ثَوْبٍ أَوْ دَابَّةٍ. أَمَّا النِّصْفُ الزَّائِدُ عَلَى الْكُرِّ فَإِنَّ مُزَاحِمَ يُخْرِجُهُ عَنْ الْأَوَّلِيَّةِ وَالْفَرْدِيَّةِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْكُرَّ اسْمٌ لِأَرْبَعِينَ قَفِيزًا فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ أَوَّلُ أَرْبَعِينَ قَفِيزًا أَمْلِكُهَا فَهُوَ صَدَقَةٌ، فَمَلَكَ سِتِّينَ قَفِيزًا جُمْلَةً لَا يَلْزَمُهُ التَّصَدُّقُ لِعَدَمِ الشَّرْطِ. وِزَانُهُ أَوَّلُ أَرْبَعِينَ عَبْدًا أَمْلِكُهُمْ فَهُمْ أَحْرَارٌ، فَمَلَكَ سِتِّينَ جُمْلَةً لَا يَعْتِقُ مِنْهُمْ أَحَدٌ فَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ النِّصْفَ فِي الْكُرِّ يَقْبَلُ الِانْضِمَامَ إلَيْهِ لِكَوْنِهِ يَتَبَعَّضُ، وَتَحْقِيقُهُ أَنَّك إذَا أَخَذْت أَيَّ نِصْفٍ شِئْت مِنْ نِصْفَيْ الْكُرِّ وَضَمَمْته إلَى النِّصْفِ الزَّائِدِ يَصِيرُ كُرًّا كَامِلًا فَوَضَحَ الْفَرْقُ وَكُلُّ مَا لَا يَتَبَعَّضُ فَهُوَ مِنْ قَبِيلِ الْعَبْدِ وَكُلُّ مَا يَتَبَعَّضُ فَهُوَ مِنْ قَبِيلِ الْكُرِّ.
وَلَوْ مَلَكَ عَبْدَيْنِ مَعًا ثُمَّ عَبْدًا، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا، لَا يَعْتِقُ أَحَدٌ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّهُ أَضَافَ الْعِتْقَ إلَى أَوَّلِ عَبْدٍ وَهُوَ فَرْدٌ سَابِقٌ عَلَى مَا مَرَّ بَيَانُهُ وَلَمْ يُوجَدْ أَمَّا الْمَمْلُوكَانِ مَعًا فَلِعَدَمِ الْفَرْدِيَّةِ وَأَمَّا الثَّالِثُ فَلِعَدَمِ السَّبْقِ، وَلِهَذَا جَازَ تَسْمِيَتُهُ آخَرَ إذَا لَمْ يَمْلِكْ بَعْدَهُ عَبْدًا.
وَلَوْ قَالَ: أَوَّلُ عَبْدٍ أَمْلِكُهُ وَاحِدًا أَوْ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا لَا يَعْتِقُ الثَّالِثُ وَلَوْ قَالَ وَحْدَهُ يَعْتِقُ وَالْفَرْقُ أَنَّ وَاحِدًا يَقْتَضِي الِانْفِرَادَ فِي الذَّاتِ؛ لِأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ ابْتِدَاءِ الْعَدَدِ فَلَمْ يُفِدْ غَيْرَ مَا أَفَادَهُ قَوْلُهُ قَبْلَهُ أَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ أَفَادَ شَيْئَيْنِ الْفَرْدِيَّةَ وَالسَّبَقَ، فَكَانَ قَوْلُهُ وَاحِدًا مُقَرِّرًا لِأَحَدِ مُوجِبَيْهِ وَهُوَ التَّفَرُّدُ وَمُكَرِّرًا لَهُ فَلَمْ يُفِدْ غَيْرَ التَّأْكِيدِ وَلَا تَزِيدُ دَلَالَتُهُ عَلَى دَلَالَةِ الْمُؤَكَّدِ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمٌ فَبَقِيَ قَوْلُهُ أَوَّلُ عَبْدٍ، وَلَا يَعْتِقُ الثَّالِثُ لِعَدَمِ الْأَوَّلِيَّةِ. أَمَّا قَوْلُهُ وَحْدَهُ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي التَّفَرُّدَ فِي الصِّفَةِ إذْ هُوَ مُنْتَصِبٌ عَلَى الْحَالِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute