للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إضَافَةُ مَا يَمْتَدُّ إلَى زَمَنٍ لِاسْتِغْرَاقِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ

٧١ - الْوَقْتُ الْمَوْصُوفُ مُعَرَّفٌ لَا شَرْطٌ

ــ

[غمز عيون البصائر]

الْوَصْفِ مِنْ جِهَةِ الْقَلْبِ لَا غَيْرُ أَمَّا الْغَائِبُ فَلَا يُعَرَّفُ إلَّا بِوَصْفِهِ فَلِذَلِكَ اُعْتُبِرَ فِيهِ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْوَصْفُ لِلتَّعْرِيفِ فَقَطْ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: الْوَصْفُ الْمُعْتَادُ وَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَ دَاعِيًا إلَى الْيَمِينِ وَلَا شَرْطًا، أَمَّا إذَا كَانَ دَاعِيًا أَوْ شَرْطًا فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي الْحَاضِرِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَسْقُطُ اعْتِبَارُهُ مَعَ الْإِشَارَةِ مِنْ جِهَةِ التَّعْرِيفِ، فَإِذَا كَانَ دَاعِيًا إلَى الْيَمِينِ أَفَادَ شَيْئًا آخَرَ زِيَادَةً عَنْ التَّعْرِيفِ وَهُوَ تَقَيُّدُ الْيَمِينِ بِهِ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ هَذَا الرُّطَبَ فَأَكَلَهُ بَعْدَمَا صَارَ تَمْرًا لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ وَصْفَ الرُّطُوبَةِ دَاعٍ إلَى الْيَمِينِ فَإِنَّهُ رُبَّمَا ضَرَّهُ أَكْلُ الرُّطَبِ دُونَ التَّمْرِ. وَكَذَا إذَا كَانَ الْوَصْفُ شَرْطًا كَقَوْلِهِ: إذَا دَخَلْت الدَّارَ رَاكِبَةً فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ لِمَا عُرِفَ أَنَّ الشَّرْطَ لَا يُؤْتَى بِهِ لِلتَّعْرِيفِ بَلْ لِتَعْلِيقِ الشَّرْطِ بِهِ

(٧٠) قَوْلُهُ: إضَافَةُ مَا يَمْتَدُّ إلَى زَمَنٍ لِاسْتِغْرَاقِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ. يَعْنِي أَنَّ الْفِعْلَ إذَا أُضِيفَ إلَى الْوَقْتِ وَالْفِعْلُ مِمَّا يَمْتَدُّ صَارَ الْوَقْتُ مِعْيَارًا لَهُ، وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ حَتَّى لَا يَسْتَوْعِبَ ذَلِكَ الْوَقْتَ، كَالصَّوْمِ وَالرُّكُوبِ وَاللِّبْسِ وَالْأَمْرِ بِالْيَدِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَفْعَالَ لَهَا دَوَامٌ بِحُدُوثِ أَمْثَالِهَا وَلِهَذَا يَضْرِبُ لَهَا مُدَّةً، يُقَالُ: صُمْت يَوْمًا وَرَكِبْت يَوْمًا وَلَبِسْت يَوْمًا وَإِنْ كَانَ الْفِعْلُ مِمَّا لَا يَمْتَدُّ صَارَ الْوَقْتُ ظَرْفًا لَهُ، وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِوُجُودِهِ فِيهِ وَلَا يُشْرَطُ اسْتِيعَابُهُ، كَالْمُسَاكَنَةِ وَالْكَلَامِ وَالشِّرَاءِ وَالْمُشَارَكَةِ وَالْقُدُومِ وَالْخُرُوجِ وَالضَّرْبِ

(٧١) قَوْلُهُ: الْوَقْتُ الْمَوْصُوفُ مُعَرَّفٌ لَا شَرْطٌ يَعْنِي مَتَى جُعِلَ الْوَقْتُ الْمَوْصُوفُ ظَرْفًا لِشَرْطِ الْحِنْثِ ثُمَّ وُجِدَ ذَلِكَ الْوَقْتُ الْمَوْصُوفُ يَصِيرُ مُعَرَّفًا لِلشَّرْطِ. وَمَعْنَاهُ أَنَّ شَرْطَ الْحِنْثِ إذَا وُجِدَ لَا يُعْلَمُ حَالَ وُجُودِهِ هَلْ هُوَ شَرْطٌ أَمْ لَا، فَإِذَا وُجِدَ ذَلِكَ الْوَقْتُ الْمَوْصُوفُ عُلِمَ أَنَّ الشَّرْطَ حِينَ وُجُودِهِ كَانَ شَرْطًا لِلْحِنْثِ كَمَا لَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُك فِي الْيَوْمِ الَّذِي يَقْدَمُ فِيهِ فُلَانٌ. فَشَرْطُ الْحِنْثِ هُوَ الْكَلَامُ، وَالْمُعَرِّفُ لِلشَّرْطِ هُوَ الْقُدُومُ الَّذِي وُصِفَ الظَّرْفُ بِهِ، فَإِذَا كَلَّمَهُ أَوَّلَ النَّهَارِ ثُمَّ قَدِمَ فُلَانٌ بَقِيَّةَ الْيَوْمِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ بِالْقُدُومِ أَنَّ الْكَلَامَ الْوَاقِعَ فِي هَذَا الْيَوْمِ كَانَ شَرْطًا وَلَزِمَ مِنْ كَوْنِهِ مُعَرِّفًا أَنْ لَا يَكُونَ شَرْطًا؛ لِأَنَّ الْمُعَرِّفَ لِلشَّرْطِ غَيْرُهُ. ثُمَّ إنَّ هَذَا الْمُعَرِّفَ إنْ لَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>