لَا تَصِحُّ رِدَّةُ السَّكْرَانِ. ٦ - إلَّا الرِّدَّةَ بِسَبِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهُ يُقْتَلُ وَلَا يُعْفَى عَنْهُ. كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ
كُلُّ كَافِرٍ تَابَ فَتَوْبَتُهُ مَقْبُولَةٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إلَّا جَمَاعَةُ الْكَافِرِينَ بِسَبِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ. ٨ -
وَبِسَبِّ الشَّيْخَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: لَا تَصِحُّ رِدَّةُ السَّكْرَانِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْبَحْرِ: الْمُرَادُ بِهِ ذَاهِبُ الْعَقْلِ. أَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ السُّكْرَ يَسْتُرُ الْعَقْلَ وَلَا يُذْهِبُهُ بِخِلَافِ الْجُنُونِ فَإِنَّهُ يُذْهِبُهُ كَمَا حَقَّقَهُ فِي مَحَلِّهِ.
(٦) قَوْلُهُ: إلَّا الرِّدَّةَ بِسَبِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَخْ ظَاهِرٌ أَنَّ اللَّامَ فِيهِ لِلْعَهْدِ كَمَا هُوَ الْأَصْلُ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ، وَحِينَئِذٍ لَا يُحْكَمُ بِرِدَّةِ السَّكْرَانِ إذَا سَبَّ غَيْرَهُ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ فَقَدْ صَرَّحَ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّ غَيْرَهُ كَذَلِكَ، وَيُجَابُ بِأَنَّ اللَّامَ لِلْجِنْسِ وَقَيَّدَهُ بِمَا إذَا كَانَ سُكْرُهُ بِسَبَبٍ مَحْظُورٍ بَاشَرَهُ مُخْتَارًا بِلَا إكْرَاهٍ وَإِلَّا فَهُوَ كَالْمَجْنُونِ
(٧) قَوْلُهُ: الْكَافِرُ بِسَبِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَخْ.
أَقُولُ: ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ سَابَّ الْأَنْبِيَاءِ لَا يُقْبَلُ تَوْبَتُهُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْكَنْزِ مِنْ أَنَّ الْمُصَرَّحَ بِهِ أَنَّهَا مَقْبُولَةٌ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى (انْتَهَى) .
قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ عَدَمِ قَبُولِ تَوْبَتِهِ إنَّمَا يُحْفَظُ لِبَعْضِ أَصْحَابِ مَالِكٍ كَمَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ، أَمَّا عَلَى طَرِيقَتِنَا فَلَا.
وَقَدْ أَنْكَرَهَا عَلَى الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَهْلُ عَصْرِهِ كالبرهمتوشي وَالشَّيْخِ أَمِينِ الدِّينِ بْنِ عَبْدِ الْعَالِ (انْتَهَى) .
(٨) قَوْلُهُ: وَبِسَبِّ الشَّيْخَيْنِ إلَخْ قِيلَ: عَزَى الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَدَمَ قَبُولِ تَوْبَةِ مَنْ سَبَّ الشَّيْخَيْنِ فِي الْبَحْرِ لِلْجَوْهَرَةِ وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ فِي عَامَّةِ النُّسَخِ، وَحَكَى الْمُؤَلِّفُ أَخُوهُ الْعَلَّامَةُ عُمَرُ بْنُ نُجَيْمٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ أَفْتَى بِذَلِكَ وَطَلَبَ مِنْهُ النَّقْلَ بِذَلِكَ فَلَمْ يُوجَدْ إلَّا عَلَى شَرْحِ الْجَوْهَرَةِ وَذَلِكَ بَعْدَ حَرْقِ الرَّجُلِ (انْتَهَى) .
أَقُولُ عَلَى فَرْضِ ثُبُوتِ ذَلِكَ فِي عَامَّةِ نُسَخِ الْجَوْهَرَةِ لَا وَجْهَ لَهُ يَظْهَرُ لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ قَبُولِ تَوْبَةِ مَنْ سَبَّ الْأَنْبِيَاءَ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا وَجْهَ لِلْقَوْلِ بِعَدَمِ قَبُولِ