للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا كِنَايَاتُهُ ١٢٠ - فَلَا يَقَعُ بِهَا إلَّا بِالنِّيَةِ دِيَانَةً، سَوَاءً كَانَ مَعَهَا مُذَاكَرَةُ الطَّلَاقِ أَوْ لَا.

وَالْمُذَاكَرَةُ إنَّمَا تَقُومُ مَقَامَ النِّيَّةِ فِي الْقَضَاءِ ١٢١ - إلَّا فِي لَفْظِ الْحَرَامِ، فَإِنَّهُ كِنَايَةٌ وَلَا يَحْتَاجُ إلَيْهَا فَيَنْصَرِفُ إلَى الطَّلَاقِ إذَا كَانَ الزَّوْجُ مِنْ قَوْمٍ يُرِيدُونَ بِالْحَرَامِ الطَّلَاقَ.

ــ

[غمز عيون البصائر]

قَوْلُهُ: وَأَمَّا كِنَايَاتُهُ.

الْكِنَايَةُ لُغَةً شَيْءٌ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى غَيْرِهِ، أَوْ يُرَادُ بِهِ غَيْرُهُ وَشَرِيعَةً مَا اُعْتُبِرَ فِي نَفْسِهِ مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيُّ أَوْ الْمَجَازِيُّ؛ فَإِنَّ الْحَقِيقَةَ الْمَهْجُورَةَ كِنَايَةٌ كَالْمَجَازِ غَيْرِ الْغَالِبِ الِاسْتِعْمَالِ.

وَكِنَايَةُ الطَّلَاقِ مَا يَحْتَمِلُ غَيْرَهُ فَيَسْتَتِرُ الْمُرَادُ مِنْهُ فِي نَفْسِهِ وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِالْكِنَايَةِ هُنَا مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْبَيَانِيُّونَ مِمَّا اُسْتُعْمِلَ فِي مَعْنَاهُ لِيَنْتَقِلَ بِقَرِينَتِهِ إلَى مَلْزُومِهِ الَّذِي هُوَ الطَّلَاقُ، فَإِنَّ الْبَائِنَ مَثَلًا مُسْتَعْمَلٌ فِي مَعْنَاهُ لِيَنْتَقِلَ بِقَرِينَتِهِ إلَى مَلْزُومِهِ الَّذِي هُوَ الطَّلَاقُ فَتَطْلُقُ بِصِفَةِ الْبَيْنُونَةِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ.

وَرَدَّ بِأَنَّ مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيَّ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ ثَابِتًا فِي الْوَاقِعِ فَمِنْ أَيْنَ يَلْزَمُ الطَّلَاقُ بِصِفَةِ الْبَيْنُونَةِ كَمَا فِي التَّلْوِيحِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْ لَكِنْ بِمُلَاحَظَةِ لَازِمِهِ فَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْمُكَنَّى عَنْهُ طُولُ الْقَامَةِ إذَا لُوحِظَ اتِّصَافَةٌ بِطُولِ النِّجَادِ.

وَلَوْ فَرَضْنَا عَلَى أَنَّ الْبَائِنَ إنَّمَا يَكُونُ كِنَايَةً عَنْ الطَّلَاقِ الْمَلْزُومِ لِلْبَيْنُونَةِ لَا عَنْ مُطْلَقِ الطَّلَاقِ فَيَسْتَلْزِمُ الْبَيْنُونَةَ لِاسْتِتْبَاعِهِ لَهَا، فَثَبَتَ الطَّلَاقُ بِصِفَةِ الْبَيْنُونَةِ.

(١٢٠) قَوْلُهُ: فَلَا يَقَعُ بِهَا إلَّا بِالنِّيَّةِ إلَخْ.

فَإِنْ لَمْ يَنْوِ لَا يَقَعُ لِاحْتِمَالِهِ غَيْرَ الطَّلَاقِ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي تَرْكِهِ النِّيَّةَ كَمَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلْقُهُسْتَانِيِّ وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ دِيَانَةً لَا يَقَعُ بِهَا طَلَاقٌ قَضَاءً وَإِنَّمَا نَوَى وَفِيهِ نَظَرٌ.

(١٢١) قَوْلُهُ: إلَّا فِي لَفْظِ الْحَرَامِ فَإِنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ وَيُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ إذَا وَقَعَ الطَّلَاقُ بِهِ بِلَا نِيَّةٍ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَالصَّرِيحِ فَيَقَعَ رَجْعِيًّا.

وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُتَعَارَفَ إنَّمَا هُوَ إيقَاعُ الْبَائِنِ بِهِ لَا الرَّجْعِيِّ، وَالْجَوَابُ مُتَهَافِتٌ.

هَذَا، وَلَوْ قَالَ وَهَبْتُكِ طَلَاقَكِ وَقَعَ قَضَاءً بِلَا نِيَّتِهِ.

وَصَرَّحَ فِي الْمُجْتَبَى بِأَنَّ لَفْظَ الصَّرِيحِ يَقَعُ بِهِ الرَّجْعِيُّ بِلَا نِيَّةٍ.

بِهِ أَفْتَى مَشَايِخُ خَوَارِزْمَ الْمُتَقَدِّمُونَ وَالْمُتَأَخِّرُونَ.

وَلَوْ قَالَ اذْهَبِي فَتَزَوَّجِي وَقَالَ: لَمْ أَنْوِ، لَمْ يَقَعْ لِأَنَّ مَعْنَاهُ إنْ أَمْكَنَك.

قَالَهُ قَاضِي خَانْ.

وَفِي الْحَافِظِيَّةِ وُقُوعُهُ بِالْوَاوِ بِلَا نِيَّةٍ (انْتَهَى) .

<<  <  ج: ص:  >  >>